الكلام في الترتب نعم لو اغمض عن ذلك كان هذا التقريب في نفسه تقريبا نفسيا تاما في اثبات الامر التام بالمهم وفي رفع محذور المطاردة بين الامرين، وتوضيح ذلك يحتاج إلى ذكر أمور:
الأول ان النسبة الواقعة في القضايا على ما مر منا غير مرة على ضربين، فإنه تارة تلاحظ النسبة من حيث خروجها من كتم العدم إلى الوجود وأخرى تلاحظ من حيث ثبوتها ووقوعها فارغا عن أصل ايقاعها، فهي بالاعتبار الأول تعبر عنها بالنسبة الايقاعية وبالاعتبار الثاني بالنسبة الوقوعية، كما أن القضية باعتبار اشتمالها على النسبة الأولى تكون من القضايا التامة الملحوظ فيها ايقاع النسبة بين الموضوع والمحمول أو بين المبدء و الفاعل، كقولك زيد قائم وزيد ضرب، وباعتبار اشتمالها على النسبة بالمعنى الثاني تكون من القضايا التقييدية والمركبات الناقصة، وحيث إن النسبة بالمعنى الأول تكون مقدمة على النسبة بالمعنى الثاني بملاحظة تفرع الثبوت والوقوع دائما على الايقاع كانت القضايا التقييدية التوصيفية باعتبار اشتمالها على النسبة الثابتة الوقوعية في رتبة متأخرة عن القضايا التامة ونتيجة لها.
الامر الثاني لا اشكال في أن مقام عروض الإرادة وتأثيرها، انما هو مرحلة النسبة الايقاعية، حيث إنه كان طلب الشئ بعثا نحو الشئ وارسالا للفاعل نحو المبدء بايجاده و اخراجه من كتم العدم إلى الوجود لا مرحلة النسبة الثابتة الوقوعية، لوضوح ان مثل هذه المرحلة مرحلة وجود المراد الذي هو مرحلة سقوطه فلا يمكن ان يكون ذلك ظرفا لعروض طلبه وثبوته، كيف وانه مضافا إلى كونه حينئذ من طلب الحاصل يلزمه كون طلبه في مرتبة وجود مراده، وهو كما ترى من المستحيل، من جهة استحالة أن يكون للشئ سعة و اطلاق يشمل مرتبة وجود معلوله وبالعكس، بل بعد أن يكون نسبة الإرادة إلى المراد نسبة العلية والمعلولية فقهرا مقتضى تخلل الفاء بينهما هو محدودية كل منهما بحد خاص غير متجاوز عن ذلك الحد، فيكون مرتبة الإرادة في رتبة قبل الفاء والمراد في رتبة بعد الفاء، و في مثله لا يكاد يكون اقتضاء الإرادة وتأثيرها إلا في مرتبة ذاتها التي هي رتبة قبل الفاء دون مرتبة بعد الفاء التي هي رتبة وجود المراد بل كان مثل هذه الرتبة رتبة سقوطها عن التأثير كما هو واضح.
الامر الثالث لا اشكال في أن عنوان الإطاعة انما كان منتزعا عن مرتبة وجود المراد