هناك ظهور عرفي فهو والا يبقى المدعى بلا دليل. نعم الأصل في المسألة الفرعية كما عرفت كان هو الفساد، سواء فيه العبادات أو المعاملات، حيث كان الأصل في المعاملات عدم ترتب النقل والانتقال، وفى العبادات عدم المشروعية عند الشك في الملاك فيها.
وإذ تمهد هذه الأمور فاعلم أن الكلام يقع في مقامين:
الأول في العبادات فنقول: النهى متعلق تارة بعنوان العبادة كالنهي عن الصلاة والصوم للحائض وأخرى بجزئها كالنهي عن قرائة السور العزائم في الصلاة، وثالثة بشرطها كالنهي عن التستر بالحرير ونحوه مثلا، ورابعة بوصفها الملازم كالجهر والاخفات في القراءة، وخامسة بوصفها المفارق كالغصبية لأكوان الصلاة المنفكة عنها، وعلى التقادير فالنهي اما ان يكون مولويا، واما ارشاديا إلى خلل في العبادة، اما لعدم الملاك فيها أو من جهة اقتران ملاكها بالمانع كالنهي عن التكتف في الصلاة أو من جهة كونه مخلا بغيره كالنهي عن الصلاة في الصلاة مثلا. واما ان يكون في مقام دفع توهم الوجوب الفعلي أو المشروعية الفعلية أو الاقتضائية فهذه أنحاء صور النهى المتعلق بالعبادة، وربما يختلف النتيجة حسب اختلاف الصور، فلابد حينئذ من بيان ما للصور المزبورة من اللوازم والآثار.
فنقول: أما إذا كان النهى متعلقا بعنوان المادة وكان مولويا محضا فهو كان عرفت غير مقتض لفساد العبادة الا من جهة قضية الاخلال بالقربة الموقوفة على العلم به، والا فمن جهة فقد انها للملاك والمصلحة لا دلالة عليه بوجه من الوجوه، لان غاية ما يقتضيه النهى المزبور بما انه نهى مولوي تحريمي انما هو الدلالة على قيام المفسدة في متعلقه، واما الدلالة على عدم وجود ملاك والمصلحة فيه ولو من جهة أخرى فلا. نعم مع الشك في الملاك كان مقتضي الأصل هو الفساد، ولكنه غير مرتبط باقتضاء النهى المولوي لذلك، كما هو واضح.
وأوضح من ذلك ما لو كان النهى في مقام دفع توهم الوجب الفعلي، وذلك من جهة وضوح ان غاية ما يقتضيه مثل هذا النهى انما هي الدلالة على عدم وجوبه، واما دلالته على عدم استحبابه ورجحانه فلا، فضلا عن الدلالة على عدم الملاك والمصلحة فيه أو الدلالة على وجود المفسدة في متعلقه، وحينئذ لو كان في البين عموم أو اطلاق يثبت رجحانه