المزبورة انما هو عدم كون أحدهما محكوما بما يضاد حكم الاخر لا وجوب كونه محكوما بحكمه، كيف وان دعوى سراية الحكم من أحد المتلازمين إلى الاخر مما يحكم بخلافها بداهة الوجدان والارتكاز عند طلب شئ والامر به، من حيث وضوح وقوف الطلب و الامر والحب والبغض على نفس متعلقه وعدم سرايتها منه إلى ما يلازمه من الأمور الاخر بوجه أصلا.
وعليه فلا مجال لاثبات حرمة فعل الضد حتى يترتب عليه فساده إذا كان عبادة، لا بمناط التلازم ولا بمناط المقدمية، خصوصا على ما تقدم منافي المبحث المتقدم من تخصيص الوجوب بالمقدمة الموصلة، فإنه على المقدمية أيضا حينئذ لا يكاد اتصاف فعل الضد المقرون بوجود الصارف بالحرمة الفعلية من جهة خروجه حينئذ عن دائرة ما هو نقيض الواجب، من غير فرق في ذلك بين ان يكون الضدان مما لهما ثالث بحيث أمكن تركهما معا أم لا كما هو واضح.
وحينئذ فبعد ان ظهر عدم اقتضاء الامر بالشئ للنهي عن ضده الخاص لا بمناط الملازمة وجدانا ولا بمناط المقدمية برهانا نقول:
فاعلم أن الضدين اما ان يكونا متساويين بحسب الملاك والمصلحة واما لا، بل يكون أحدهما مزية على الاخر بحسب الملاك وعلى التقديرين لا يخلوان من كونهما مضيقين أو موسعين أو مختلفين فهذه صور عديدة وينبغي التعرض لكل واحدة من الصور بما يخصها من الحكم فنقول:
أما إذا كانا متساويين في الملاك والمصلحة وكانا أيضا مضيقين، فان لم يكن لهما ثالث كما في الحركة والسكون والنوم واليقطة فلا اشكال في أن الحكم فيهما هو التخيير عملا بمعنى اللاحرجية نظير التخيير بين الفعل والترك في النقيضين، لا التخيير الشرعي بمعنى الالزام بأحد الفعلين فإنه بعد عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما ولا من تركهما معا فقهرا في مثله بعد تساوى الملاكين يحكم العقل فيهما بالتخيير وعدم الحرج في الفعل والترك، ومعه لا يكاد مجال لالزام شرعي في البين ولو تخييري بوجه أصلا لأنه في ظرف ترك أحد الضدين يكون الضد الاخر قهري الحصول ومعه لا يبقى مجال اعمال الجهة المولوية بالامر بهما تخييرا، كما هو واضح. ولئن شئت قلت بان الامر التخييري بشيئين بعد أن كان مرجعه إلى المنع عن ترك المجموع فلا جرم يختص بما إذا تمكن