صلاحية الظهور الوضعي في العام للقرينية والبيانية عليه بنحو يرتفع موضوع الاطلاق، وفي مثله لا مجال لتقديم ظهور العام عليه بمقتضي البيان المزبور، بل بعد استقرار الظهور في الطرفين يقع بينهما المزاحمة فلابد من الحكم عليهما بحكم الاجمال والرجوع إلى الأصول العملية ان لم يكن اقوائية في إحداهما، والا فيؤخذ بما هو الأقوى والا ظهر منهما، ويرفع اليد عن ظهور الآخر كما هو واضح.
ومن ذلك البيان ظهر حكم الفرض الرابع أعني فرض كون الدلالة في المفهوم بالوضع وفى العام بالاطلاق فإنه في فرض كونهما في كلام واحد يقدم المفهوم على العام، من جهة تنجيزية ظهوره وتعليقية ظهور العام، وفي فرض كونهما في كلامين مستقلين، يحكم عليهما بحكم الاجمال بمقتضي البيان المتقدم، الا إذا كان أحدهما أقوى من الآخر فيؤخذ به ويرفع اليد عن ظهور الآخر، فتدبر.
الجهة التاسعة اختلفوا في جواز تخصيص العموم الكتابي بالخبر الواحد وعدم جوازه بعد الاتفاق منهم على تخصيصه بالخبر المتواتر. ولكن التحقيق هو الجواز، للسيرة المستمرة من الأصحاب من قديم الأزمان إلى زمانا هذا على تخصيص العمومات الكتابية بالخبر الواحد الغير المحفوف بالقرائن القطعية كتخصيص غيرها به، وعدم صلاحية ما تمسك به المانعون للمانعية، تارة بقطعية العام الكتابي سندا وظنية سند الخبر فلا دوران بينهما من جهة عدم مقاومة الظني مع القطعي، وأخرى بما ورد من الأخبار الكثيرة القطعية على طرح ما لا يوافق الكتاب أو يخالفه من نحو قوله عليه السلام: (ما خالف قول ربنا لم أقله، (1) أو فاضربه على الجدار، (2) أو زخرف (3)) على اختلاف ألسنتها، بدعوى ان المخالفة تعم المخالفة بنحو العموم من وجه والمطلق، فيجب حينئذ طرح ما يخالف العموم الكتابي من الاخبار الآحاد، إذ فيه