ومنها استلزامه لمحذور تقدم الشئ على نفسه وتأخره عنه رتبة نظرا إلى ما هو المفروض من مقدمية المقيد لوجود ذي المقدمة ومقدمية ذي المقدمة لتحقق التقيد المزبور.
ولكن يمكن ان يدفع هذه المحاذير، وذلك: اما المحذور الأول فبدعوى قصور الوجوب الغيري حينئذ في سرايته وعوده إلى ذي المقدمة بعد سرايته منه إلى المقدمة إذ حينئذ وان كان ملاك المقدمية متحققا في ذي المقدمة ولكنه بعد قصور الوجوب الغيري وعدم قابليته لا يكاد اتصاف ذي المقدمة الا بوجوب واحد وهو الوجوب النفسي.
واما المحذور الثاني فدفعه انما هو بدعوى ان معروض الوجوب الغيري، انما كان المقيد لكن بالنظر التصوري الذي لا يقتضي المفروغية في الوجود الخارجي كما في القضايا التقييدية في المركبات الناقصة كزيد القائم الذي يحمل عليه الوجود تارة والعدم أخرى، كقولك زيد القائم موجود أو معدوم، لا بالنظر التصديقي الذي يقتضي مفروغية موضوعه في الخارج كما في القضايا التصديقية في المركبات التامة كزيد قائم وعمر و قاعد، والاشكال المزبور انما يتوجه على الوجه الثاني دون الأول فإنه بعد عدم اقتضائه مفروغية الموضوع في الخارج في لحاظه بشهادة صحة حمل الوجود عليه تارة والعدم أخرى لا يترتب عليه كون صقعه صقع وجود ذي المقدمة الذي هو صقع سقوط الامر عن المقدمة حتى يتجه الاشكال المزبور، ومن ذلك أيضا يتضح الفرق بين هذا الفرض وبين فرض كونه قيدا للوجوب الذي قلنا باستحالته لمثل هذا المحذور فان عدم امكان اخذه قيدا لأصل الوجوب انما هو من جهة احتياج شرائط الوجوب وقيوده لدخلها في اتصاف الموضوع بالمصلحة والصلاح إلى لحاظها بالنظر التصديقي الذي يقتضي مفروغية وجودها في الخارج في مقام البعث والتكليف نظرا إلى أنه لولا لحاظها كذلك لا يرى اتصاف الموضوع بكونه صلاحا ومصلحة كي يطلبه ويريده، وهذا بخلافه في قيود الواجب التي لا يكون دخلها الا في وجود المتصف فارغا عن أصل الاتصاف فإنها حينئذ لا تحتاج في مقام معروضيتها للوجوب الا إلى اللحاظ التصوري اما الاشكال الثالث فله وجه بل لا محيص عنه لو قيل بمقدمية التقيد أيضا كذات المقدمة لما هو الواجب والمطلوب النفسي، ولكنه ليس كذلك بل ولا يظن أيضا التزام القائل بدخل حيث الايصال والترتب في الواجب به، وذلك من جهة وضوح ان تمام همه من اخذ الايصال قيدا في الواجب انما هو اثبات ان موضوع الوجوب الغيري و