انما كانت باعتبار كلية متعلقه، لا ان عموميته كانت باعتبار عمومية آلة الملاحظة كما قبل بان معنى عمومية الوضع وخصوصيته انما كانت من جهة عمومية آلة الملاحظة و خصوصيتها، كيف وانه في الفرض لا يحتاج في مقام الوضع إلى توسيط آلة الملاحظة، فان المفهوم الكلي كمفهوم الانسان أو الحيوان وكذا طبيعة اللفظ بنفسها متصورة في الذهن بلا توسيط آلة ملاحظة في البين، ومعه لا يحتاج في مقام وضع اللفظ بإزائه واحداث العلقة والربط بينهما إلى توسيط شئ نسميه آلة الملاحظة، كي لأجل عموميتها وكليتها يتصف الوضع بالكلية والعمومية، كما هو واضح.
الثاني: من قسمي عموم الوضع والموضوع له: هو ان يكون الموضوع له الجهة المشتركة بين الافراد المتصورة في الذهن التي بها تمتاز افراد كل نوع عن افراد نوع آخر بنحو لا يكاد تحققه في الذهن الا مع الخصوصية وبالوجود الضمني لا المستقل، وذلك بان يلاحظ معنى عام ويشار به إلى الجهة المشتركة والجامع المتحد مع الافراد الذهنية التي بها امتياز افراد كل نوع عن آخر فيجعل اللفظ بإزاء تلك الجهة المشتركة بما هي مشتركة وموجودة في الذهن بعين وجود الفرد والخصوصية، وبعبارة أخرى يكون الموضوع له حينئذ عبارة عما هو منشأ انتزاع هذا المفهوم العام المنتزع عن الافراد المتصورة في الذهن لا المفهوم المنتزع عن ذلك، فهذا أيضا قسم آخر من عموم الوضع والموضوع له. ولا يخفى انه على هذا التصوير يحتاج في مقام الوضع إلى وجود آلة الملاحظة، لان المعنى الموضوع له بعد أن لم يكن له وجود مستقل في عالم الذهن واللحاظ بل كان وجوده في ضمن وجود الفرد و متحدا معه نظير الجامع بين الافراد الخارجية من حيث عدم وجود له في الخارج مستقلا و كونه موجودا في ضمن الفرد والخصوصية، فلا جرم يحتاج في مقام الوضع إلى توسيط معنى عام يجعله آلة للملاحظة تلك الجهة المحفوظة بين هذه الخصوصية وتلك الخصوصية، ولكن مورد الوضع ومحله كان مختصا بتلك الجهة المحفوظة في ضمن الافراد فكانت الضمائم و الخصوصيات كلها خارجة عن مصب الوضع. وليكن ذلك على ذكر منك ينفعك فيما يأتي عند التعرض لبيان وضع الحروف وأسماء الإشارة.
وحينئذ فكم فرق بين هذا القسم من عام الوضع والموضوع له وبين سابقه الذي هو المعروف لدى المشهور، فإنه على الأول يكون الموضوع له عبارة عن معنى عام منتزع له وجود مستقل في وعاء الذهن واللحاظ قبال الخصوصيات كمفهوم الانسان والحيوان