في شرح العرض الذاتي وحيث اتضح لك ما شرحناه في شرح موضوع العلم فلنعطف الكلام إلى بيان العوارض الذاتية الواقعة في كلماتهم في تعريفهم موضوع العلوم بأنه: ما يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية، حيث إنه قد اختلف كلماتهم في مقام شرح المراد من العرض الذاتي، فنقول وعليه التكلان:
ان توضيح المرام في المقام يحتاج إلى تمهيد مقدمة، وهي ان الأوصاف المنسوبة إلى الشئ تارة يكون انتزاعها عن نفس ذات الشئ بلا جهة خارجية في البين زائدة عن ذات الموصوف كما في الأبيضية والأسودية المنتزعين عن البياض والسواد وكالموجودية المنتزعة عن الوجود، وأخرى يكون انتزاعها عن جهة خارجة عن ذات الموصوف. وعلى الأخير فتارة يكون اتصاف الموصوف بالوصف من جهة اقتضاء ذاته كما في توصيف العقل بالمدركية والانسان بقوة الضحك والتعجب، وأخرى يكون ذلك باقتضاء امر خارجي على نحو السببية والعلية المعبر عنه باصطلاح الأصول بالمقتضى أو على نحو الشرطية بلا اقتضاء لذلك في نفسه كما في حركة اليد لحركة المفتاح وكالمجاورة في عروض الحرارة من النار للماء. وعلى الأخير فتارة لا يكون ذلك الامر الخارجي بنفسه معروضا لذلك العرض أصلا بل وانما كان شأنه مجرد السببية لعروض الوصف والعرض على الشئ كما في نحو المجاورة للنار الموجبة لعروض الحرارة على الماء مستقلا، ومثله كلية الجهات التعليلية الموجودة لعروض الوصف على شئ واتصافه به كالفاعلية والمفعولية و نحوهما في عروض الرفع والنصب على ذات الكلمة، وأخرى بعكس ذلك بان كان الامر الخارجي - وهو الواسطة بنفسه معروضا للعرض. وعلى الأخير فتارة يكون ذو الواسطة أيضا معروضا للعرض المزبور ولو ضمنا كما في خواص النوع فإنه في مثل ذلك يكون العرض المزبور عارضا للجنس أيضا غايته بنحو الضمنية لا الاستقلالية، ومن ذلك أيضا كلية الاعراض الثابتة للعناوين بخصوصيات تقيدية نظير الوجوب العارض للصلاة بخصوصية عنوانها، وهكذا غيرها، فان مثل ذلك ملازم لعروض العرض وهو الوجوب لفعل المكلف الذي هو بمنزلة الجنس ولو ضمنا لا استقلالا، وأخرى يكون تمام