بين أصالة الظهور في الضمير في التطابق وبين أصالة الظهور في العام، الا ان مجرد ذلك لا يقتضي جريانها في طرف العام، فإنه لا أقل من صلاحية الضمير باعتبار اتصاله بالكلام للقرينية على العام، من جهة احتمال كون استعماله على طبق وضعه، وفي مثله من المعلوم انه لا يبقى مجال ظهور للعام في العموم، حتى يجري فيه دليل التعبد بالظهور، نعم لو كان العام والضمير في كلامين مستقلين كما قلنا بتصويره في مثل أسماء الإشارة، أو قلنا بحجية أصالة العموم من باب التعبد المحض لكان للقول بجريان أصالة الظهور في العام كمال مجال، ولكنك عرفت عدم تصور فرض استقلال العام والضمير في الكلام، وعدم كون مدار الحجية في أصالة الحقيقة على التعبد، بل على الظهور التصديقي النوعي، وعليه فالضمير حسب اقترانه بالعام يكون مما يصلح للقرينية على العام، ومعه فلا يكون له ظهور في العموم حتى يشمله دليل التعبد الآمر بالغاء احتمال الخلاف، كما لا يخفى.
الجهة الثامنة اختلفوا في جواز تخصيص العام بالمفهوم المخالف وعدم جوازه، كقوله عليه السلام:
(خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ) وقوله عليه السلام: (إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ) وذلك بعد الوفاق منهم ظاهرا على تخصيصه بالمفهوم الموافق.
ولكن التحقيق القول فيه هو ان العام وما له المفهوم مطلقا تارة يكونان في كلام واحد وقع به التخاطب وأخرى في كلامين مستقلين، وعلى التقديرين فالدلالة فيهما تارة تكون بالوضع وأخرى بالاطلاق وقرينة الحكمة، وثالثة بالوضع في العام وبالاطلاق في المفهوم، ورابعة بعكس ذلك.
فعلى الأولين لابد من الحكم عليهما بالاجمال والرجوع إلى الأصول العملية، الا إذا كان أحدهما أقوى من الآخر فيقدم على الآخر، من غير فرق في ذلك بين كون العام وماله المفهوم في كلام واحد وفي كلامين مستقلين، إذ على الأول فظاهر، لعدم استقرار الظهور في واحد منهما حينئذ بعد صلاحية كل منهما للقرينية على الآخر وتساويهما في الوضع