ومقدرها الواحد لا يفرق فيها ولا يختلف مدلولها بين وقوعها في حيز الطلب كقوله: جئني برجل وبين وقوعها في حيز الاخبار كقوله: جاء رجل من أقصى المدينة، بل هي في الموردين كانت مستعملة في معناها الحقيقي، غايته انه في الثاني قد علم المراد منها بدال آخر خارجي، وانه حبيب النجار مثلا.
ثم اعلم أن الحمل على الاطلاق لا يختص بالألفاظ المطلقة الغير المقيدة بشئ من الخصوصيات، بل يجرى في كل ما يمكن ان يفرض لها الاطلاق والارسال ولو بجهة من الجهات، وعليه فيجرى مقدمات الاطلاق في النكرة أيضا، فإنها وان كانت مقيدة بإحدى الخصوصيات، ولكنها من غير تلك الجهة لما كانت يمكن ان يفرض لها الاطلاق والارسال، فعند الشك في مدخلية بعض الخصوصيات الاخر فيها تجرى فيها مقدمات الاطلاق، بل وقد عرفت جريان اطلاقات حتى في نحو الاعلام الشخصية أيضا بلحاظ ما يفرض لها من الاطلاق والارسال بلحاظ الحالات، كما لا يخفى.
وكيف كان فبعد ان اتضح وجه الفرق بين المسكين نقول بأنه على مسلك المشهور من وضع الألفاظ للطبيعة المطلقة لابد بمقتضى الوضع من الحمل على الاطلاق والارسال عند عدم القرينة على التقييد، من دون احتياج إلى التمسك بقضية مقدمات الحكمة، واما على مسلك السلطان ومن تبعه من الوضع للطبيعة المهملة والجامع المحفوظ بين تلك الصور المجردة الفاقدة للخصوصية والواجدة لها، فحيث ان وضع اللفظ بنفسه غير مقتض للحمل على الاطلاق والارسال من جهة ملائمته مع التقيد أيضا بنحو تعدد الدال والمدلول، فيحتاج في استفادة الاطلاق والشياع إلى ضم قرينة الحكمة التي هي مؤلفة على التحقيق كما سنذكرها إن شاء الله من أمور:
منها: كون المتكلم بمدلول لفظه في مقام البيان على مرامه لا في مقام الاهمال والاجمال.
ومنها: عدم نصبه قرينة على التقييد وإرادة الخصوصية.
ومنها: عدم وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب أو مطلقا ولو من الخارج على وجه يأتي إن شاء الله تعالى.
حيث إنه باجتماع هذه الأمور يتم امر الاطلاق ويستكشف منها عدم تقيد موضوع طلبه بشئ من الخصوصيات وانه مأخوذ في اعتباره على نحو الاطلاق