المبحث السابع (في أنه هل الامر والطلب متعلق بالوجود أو الطبيعي) وقبل الخوض في المرام ينبغي بيان ما هو مركز التشاجر والكلام بتمهيد مقدمتين:
فنقول:
المقدمة الأولى: لا اشكال في أنه على كلا القولين في المسألة لابد عند طلب شئ و الامر به من لحاظ موضوع الطلب وتصوره واحضاره في الذهن، كي بذلك يتمكن من طلبه والبعث إليه والا فبدونه يستحيل تحقق الطلب والبعث إليه وهو واضح.
الثانية: ان من المعلوم ان لحاظ الطبيعة يتصور على وجوه: منها لحاظها بما هي في الذهن ومحلاة بالوجود الذهني، ومنها لحاظها بما هي شئ في حد ذاتها، ومنها لحاظها بما هي خارجية بحيث لا يلتفت إلى مغايرتها واثنينيتها مع الخارج ولا يرى في هذا اللحاظ التصوري الا كونها عين الخارج ومتحدة معه بحيث لو سئل بأنه أي شئ ترى في هذا اللحاظ يقول بأنه ما أرى الا الخارج وان كان بالنظر التصديقي يقطع بخلافه فيرى كونها غير موجودة في الخارج.
وفي ذلك نقول: بان من الواضح أيضا انه ليس المقصود من تعلق الامر بالطبيعي عند القائل به هو الطبيعي بما هو موجود في الذهن من جهة وضوح انه بهذا الاعتبار مع كونه كليا عقليا غير قابل للصدق على الخارج لا يكون مما تقوم به المصلحة حتى يتعلق به الامر والطلب، فلا يتوهم أحد حينئذ تعلق الطلب والامر به بهذا الاعتبار كما لا يخفى، كوضوح عدم كون المقصود أيضا هو الطبيعي بالاعتبار الثاني من جهة وضوح ان الطبيعة بهذا الاعتبار ليست الا هي فلا تكون هي أيضا مركب المصلحة حتى يتعلق بها الامر و الطلب، بل وانما المقصود من ذلك عند القائل به هو الطبيعي بالاعتبار الثالث الذي يرى كونها عين الخارج.
وعليه فمركز النزاع بين الفريقين في أن معروض الطلب وموضوعه هو الطبيعة أو الوجود انما هو في الطبيعي بالاعتبار الثالث فالقائل بالطبيعي يدعي تعلق الطلب والامر بنفس الطبيعي والعناوين بما هي ملحوظة كونها خارجية لا بمنشأ انتزاعها وهو الوجود