انما كان هو الارسال الموجب لبقاء الطلب بعد الايجاد أيضا الا ان الاكتفاء بايجاد واحد في الأوامر انما كان من جهة تقديم اطلاق المادة فيها في صرف الوجود على قضية اطلاقها وذلك أيضا بملاحظة ما يلزمه من فرض العكس بعد عدم تعين مرتبة خاصة من التكرار الموجب للوقوع في محذور العسر والحرج، وهذا بخلافه في النواهي فإنه فيها لما لا يلزم هذا المحذور قدم فيها اطلاق الهيئة ولو بملاحظة كونها علة لوجود المادة في الخارج على اطلاق المادة في صرف الوجود، وفيه ان مجرد لزوم العسر والحرج لا يقتضي تقديم اطلاق المادة على اطلاق الهيئة في الأوامر والاكتفاء بايجاد واحد في تحقق الامتثال وسقوط التكليف وذلك من جهة امكان التحديد حينئذ بما يرتفع معه العسر والحرج المزبوران وحينئذ فإذا فرض تقدم اطلاق الهيئة على الطلاق المادة من جهة قضية عليتها لوجود المادة في الخارج يلزمه تقديم اطلاقها على اطلاقها في الأوامر أيضا والمصير إلى لزوم الايجاد متكررا إلى أن يبلغ حد العسر والحرج.
ومنها: ان لزوم التكرار والدوام والاستمرار في النهى انما هو من جهة انه لا يكاد يصدق ترك الطبيعي عقلا والانزجار عنه الا بترك جميع أفراده الدفعية والتدريجية، إذ حينئذ لابد في مقام الإطاعة وامتثال النهى من ترك الطبيعي بما له من الافراد الدفعية والتدريجية والا فمع تحقق فرد واحد لا يكاد يصدق الامتثال والطاعة بل يصدق العصيان والمخالفة وهذا بخلافه في الأوامر فإنه بعد ما كان وجود الطبيعي بوجود فرد واحد يكتفى في مقام الإطاعة بايجاد فرد واحد من جهة تحقق تمام المطلوب وهو الطبيعي بوجود واحد.
وفيه انه ليس الكلام في مقام الإطاعة إذ لا شبهة في أنه لابد في مقام امتثال النهى عن الطبيعي من ترك جميع أفراده الدفعية والتدريجية، بل وانما الكلام في طرف العصيان والمخالفة في اقتضاء النهى لزوم ترك بقية الافراد حتى بعد العصيان نظرا إلى اقتضائه لكون المبغوض هو الوجود الساري دون صرف الوجود وحينئذ فلا يفيد ما ذكر لدفع الاشكال المزبور كما هو واضح، هذا.
وقد تصدي شيخنا الأستاذ دام ظله لدفع الاشكال بوجه آخر حيث أفاد بما حاصله ان مبني الاشكال وأصله انما نشأ من جهة توهم كون مقتضي الاطلاق وقرينة الحكمة هو الطبيعة الساذجة الصرفة الغير القابلة للانطباق الا على أول وجود، إذ حينئذ يتوجه الاشكال بأنه إذا كان طبع الاطلاق في الأوامر عند عدم التقيد بالسريان ونحوه يقتضي