المفعول كما يقال: امر يأمر آمر مأمور بخلافه على كونه بمعنى الشئ فإنه عليه يكون من الجوامد. وربما يشهد لذلك أيضا قضية الجمع فيهما، من مجيئه على الأول على الأوامر وان كان على غير القياس، وعلى الثاني على الأمور، والجمع يرد الأشياء إلى أصولها وحينئذ فلا ينبغي الاشكال في كونه موضوعا بالخصوص للطلب أيضا.
ثم إن محل الكلام في المقام انما هو الامر بمعنى الطلب دونه بمعنى الشئ فلابد حينئذ من بيان انه هل هو موضوع للطلب الحقيقي والإرادة القائمة بالنفس بحيث كان القول أو الإشارة مبرزا لها وكاشفا عنها؟ أو انه موضوع للطلب المبرز بالقول أي مفهومه المبرز بالقول أو بالأعم منه ومن الإشارة ونحوها؟ أو انه موضوع لنفس ابراز الطلب بالقول أو الإشارة؟ حيث إن فيه وجوها، أبعدها الأول، لما يرى من عدم صدق الامر على مجرد الإرادة النفسانية الغير البالغة إلى مرحلة الابراز حيث لا يصدق على من كان طالبا لشئ من عبده ومريدا له منه بلا ابراز ارادته بالقول أو نحوه أنه آمر به، بل الصادق عليه انه طالب ومريد غير آمر، على أن لازم ذلك هو ان يكون استعماله دائما في غير معناه الموضوع له لان ما يجئ في الذهن عند الاستعمال لا يكون الا صورة الإرادة ومفهومها لا حقيقتها وعليه فلا يكون استعماله في معناه الحقيقي الذي هو الإرادة القائمة بالنفس.
وحينئذ فبعد بطلان هذا المعنى يدور الامر بين كونه حقيقة في الطلب المبرز بما هو مبرز بالقول أو الإشارة بنحو خروج القيد ودخول التقيد أو كونه حقيقة في ابراز الطلب و هو القول الحاكي عنه، ولكل منهما وجه وجيه، وان كان قد يقال بتعين الأخير نظرا إلى ظهور العنوان وهو الامر في الاختيارية وكونه على الأخير اختياريا بتمامه من الابراز و التقيد بالطلب، بخلافه على الأول، فإنه من جهة جزئه الركني وهو الطلب غير اختياري. ولكنه توهم فاسد، فان ما ذكر مجرد استحسان لا يثبت به الوضع خصوصا مع استلزام الأخير لعدم صحة الاشتقاقات منه باعتبار عدم كون معناه حينئذ معنى حدثيا قابلا للاشتقاق، لان ما هو المبرز حينئذ انما كان هو الهيئة ومعناه لا يكون الا معنى جامديا غير حدثي بخلافه على الأول فان المعنى عليه بنفسه يكون معنا حدثيا قابلا للاشتقاق منه. وما قيل من أنه على الأول أيضا يلزمه خروج الصيغ كلها عن المصداقية للامر من جهة عدم كونها عبارة عن نفس الطلب وانما هي مبرزات عنه، مدفوع بأنه لو سلم ذلك فإنما يرد هذا المحذور لولا كونها وجوها للطلب ولو من جهة شدة حكايتها عنه و