المبحث الثالث: في الاجزاء قد وقع الخلاف والكلام بين الأصحاب في اقتضاء الاتيان بالمأمور به على وجهه للاجزاء وعدمه. وقبل الخوض في المرام، ينبغي تمهيد مقدمة لبيان عناوين الألفاظ الواقعة في حيز البحث.
فنقول: ان من العناوين الواقعة في حيز موضوع البحث كلمة (على وجهه) و الظاهر أن المراد منها كما قربة في الكفاية هو النهج الذي ينبغي ان يؤتى المأمور به على ذلك النهج شرعا وعقلا كقصد الامتثال مثلا، لا الاتيان بالمأمور به على وجه وجوبه أو استحبابه وكونه متميزا عن غيره كما يدعيه القائل بوجوب قصد الوجه والتميز كما يشهد لذلك تعرضهم طرا لهذا البحث بهذه العناوين المزبورة مع ذهاب كثير منهم بل أكثرهم على عدم اعتبار قصد الوجه والتميز في المأمور به لا شرعا ولا عقلا ولا الكيفية الخاصة المعتبرة في المأمور به شرعا مثل عنوان الظهرية والعصرية ونحوهما من العناوين الخاصة التي بها صار المأمور به متعلقا للامر والطلب، كيف وانه مضافا إلى بعد ذلك في نفسه يلزمه لغوية القيد المزبور إذ عليه كان في ذكر المأمور به غنى وكفاية عن ذكر كلمة (على وجهه) نظرا إلى عدم خلو المأمور به عن مثل هذه الكيفيات فيكون القيد المزبور حينئذ توضيحيا محضا. وحينئذ فيتعين ما ذكرناه من كون المراد منها النهج الذي ينبغي ان يؤتى المأمور به على ذلك النهج شرعا وعقلا كقصد التقرب والامتثال، وعليه يكون القيد المزبور احترازيا لا توضيحيا، لكن ذلك أيضا بناء على تجريد متعلق الامر في العبادات عن قصد التقرب وجعله من الكيفيات المعتبرة في المأمور به عقلا لا شرعا كما هو مسلك