وحينئذ فبعد ما لا يكون في الشرعيات مورد يكون العلم واجبا شرعيا بالوجوب المولوي، فلا جرم لا يبقى مجال للنزاع في مقدمة العلم والبحث عن وجوبها شرعا. نعم لو بنينا على وجوب نية الوجه والتميز في الواجبات فباعتبار توقف الوجه والتميز على العلم بوجه المأمور به ربما يدخل مقدماته حينئذ في حريم النزاع، ولكن بعد أن كان التحقيق هو عدم وجوبها شرعا فلا محالة يخرج مقدمات العلم بقول مطلق عن حريم النزاع، كما لا يخفى.
ومن التقسيمات: تقسيمها إلى المقتضى والشرط والمانع وقد عرفوا المقتضى وهو السبب والعلة في لسان الحكم بما يلزم من وجوده الوجود دائما ذاتا، والشرط بما يلزم من عدمه العدم، والمانع بما يلزم من وجوده العدم. وهذا التعبير يقتضى اختلاف المقتضى مع الشرط والمانع في كيفية الدخل في وجود المعلول و تحققه وعدم كون الجميع على وزان واحد في ذلك وان مناط دخل كل غير ما هو المناط في الاخر، والا لما كان وجه للعدول في الشرط والمانع عن التعريف المزبور للمقتضي و هو كك، فان ملاك المقدمية في المقتضي عبارة عن حيثية المؤثرية، إذ هو في الحقيقة عبارة عن معطى الوجود لأنه هو الذي يخرج المعلول من كمونه ويستند إليه وجوده، كما في مثل النار والاحراق، حيث يرى أن ما ينشأ ويتولد منه الاحراق انما هو النار خاصة. وهذا بخلافه في مثل الشرط والمانع، فان دخلهما فيه لا يكون على نحو دخل المقتضي في كونه بنحو المؤثرية والمتأثرية بل وانما كان بمناط آخر غير المؤثرية كما ستعرف، كيف ولا اشكال بينهم في أن عدم المانع من المقدمات ومن اجزاء العلة التامة حسب تفسيرهم إياها بالأمور الثلاثة: المقتضي والشرط وعدم المانع، ويكشف عنه أيضا التزامهم بترشح الحرمة الغيرية نحو المانع في مثل الصلاة في غير المأكول وبنائهم على جريان (كل شئ لك حلال) في مشكوك المانعية عند الشك في كون اللباس من المأكول أو غيره، بتقريب اقتضاء القاعدة حلية المشكوك ولو غيريا والترخيص في ايجاد الصلاة فيه.
مع أنه من المستحيل ان يكون دخل عدم المانع في تحقق المعلول بنحو المؤثرية كما في