غاية الامر هنا معارضة الظاهر مع النص فإن الجرح في حكم النص والتعديل في حكم الظاهر هذا فيما صرح بالسبب وإلا فمثل قولهم ضعيف أو مجروح أيضا ظاهر والظاهر قد يقدم على النص بسبب المرجحات كما مرت الإشارة إليه في باب التخصيص ومن هذا الباب تقديم قول النجاشي في داود بن الحصين أنه ثقة على قول الشيخ أنه واقفي فإنه وإن أمكن القول بكونه موثقا جمعا بين القولين ولكن الظاهر من النجاشي حيث يطلق الثقة ويسكت عن حال المذهب أن الرجل إمامي فلا يمكن الجمع بينهما و كون النجاشي أضبط من الشيخ يرجح كونه إماميا إن لم يكافئه نصوصية كلام الشيخ وكذلك الكلام في ترجيح تعديل الشيخ والنجاشي على جرح ابن الغضائري في إبراهيم بن سلمان وغيره والحاصل أن المعتمد الرجوع إلى المرجحات مطلقا وكل ما ذكرنا في هذا القانون وسابقه من الشواهد على كون التزكية من باب الظنون الاجتهادية لا الرواية والشهادة وإن المعيار هو حصول الظن على أي نحو يكون كيف لا والمزكون لم يلقوا أصحاب الأئمة عليهم السلام وإنما اعتمدوا على مثل ما رواه الكشي وقد يفهمون منه ما لا دلالة فيه أو فيه دلالة على خلافه بل وكل منهم قد يعتمد على تزكية من تقدم عليه الحاصلة باجتهاده ومن ذلك قد يتطرق الخلل من جهة فهم كلام من تقدمه أيضا فضلا عن عدم كونه موافقا للحق أو كونه موافقا مثل أن العلامة رحمه الله وثق في الخلاصة حمزة بن بزيع مع أنه لم يوثقه أحد ممن اعتمد عليه العلامة ولعله توهمه من جهة عبارة النجاشي كما نبه عليه جماعة من المحققين فإن النجاشي قال في ترجمة محمد بن إسماعيل بن بزيع ان ولد بزيع ليس منهم حمزة بن بزيع وذكر بعد ذلك كان من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم ومراده محمد لا حمزة ولعلك تقول فإذا كان الامر كذلك فيلزم أن يكون مثل العلامة رحمه الله مقلدا لمن تقدمه وكذلك من تقدمه لمن تقدمه فإنهم قلما ثبت لهم عدالة الرواة من جهة الاشتهار كسلمان وأبي ذر أو من جهة المزكيين اللذين عاشرا الراوي ومع ذلك فلم يميزوا بينهم ولم يفرقوا بين من ثبت عدالته عندهم من مثل ما ذكر أو من جهة الاجتهاد ويلزم من جميع ذلك جواز تقليد المجتهد للمجتهد وإذا كان كذلك فلا فرق بين ما ذكر وبين أن يقول الصدوق مثلا أو الكليني مثلا ان ما ذكرته من الروايات صحيحة أو يقول العلامة هذه الرواية صحيحة مع كون السند مشتملا على من لم يوثقه أحد من علماء الرجال قلت إن اشتراط العدالة في الراوي إما للاجماع أو للآية أما الأول فلم يثبت إلا على اشتراطه لقبول الخبر من حيث هو وإلا فلا ريب أن أكثر الأصحاب يعملون بالاخبار الموثقة والحسنة والضعيفة المعمول بها عند جلهم وأما الآية فمنطوقها يدل على كفاية التثبت في العمل بخبر الفاسق فضلا عن مجهول الحال وهذا
(٤٧٦)