وكلام فيما كان مقدمة للوقوع فقط كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة لأنه يجب تحصيله كالواجب ولا يلزم من أمر الآمر إذا علم انتفائه نقص وقبح وإن علم أنه يتركه اختيارا لان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار إذا تقرر هذا فنقول أن هيهنا مقامين (من الكلام) الأول أنه هل يجوز توجيه الامر إلى المكلف الفاقد للشرط مع علم الآمر بانتفائه وإن لم يكن المراد نفس الفعل المأمور به بل كان المراد مصلحة أخرى حاصلة من نفس الامر من العزم على الفعل وتوطين النفس على الامتثال والابتلاء والامتحان أم لا والثاني أنه هل يجوز إرادة نفس المأمور به مع العلم بعدم الشرط أم لا والظاهر أنه كليهما مما وقع النزاع فيه ولكن المتداول في ألسنة الأصوليين المفيد في تعريفاتهم هو النزاع الثاني وقد اختلط المقامان على كثير منهم كما يظهر من استدلالاتهم والحق في الأول الجواز ولا يحضرني الان كلام من أنكر جواز ذلك إلا العميدي رحمه الله في شرح التهذيب حيث قال إن ذلك غير جائز لما يتضمن من الاغراء بالجهل لما يستلزم من اعتقاد المأمور إرادة الآمر الفعل المأمور به منه ويظهر ذلك من صاحب المعالم أيضا في أواخر المبحث وفيه أنه لا قبح في ذلك أما أولا فلما بينا أنه قلما يحصل العلم للمأمور بكونه مكلفا بأصل الفعل لاحتمال انتفاء شرط التمكن بل المدار على الظن فلا يستلزم الاعتقاد الجازم ولا يضر الظن مع انكشاف فساده كما هو المشاهد في العمومات الشاملة لقاطبة المكلفين مع أن كثيرا منهم لا يتمكن عن الاتمام وإلا لانتفى الواجب المشروط غالبا غاية الامر كون ذلك الاستعمال مجازيا تأخرت عنه قرينته وتأخيرها إنما يقبح إذا كان عن وقت الحاجة وأما عن وقت الخطاب فلا قبح فيه كما سيجيئ تحقيقه وأما ثانيا فذلك يستلزم نفي النسخ المجمع عليه ظاهرا فإن ظاهر الحكم التأبيد وعلى القول بجوازه قبل حضور وقت العمل فالملازمة أظهر والحاصل أن الامر حقيقة في طلب نفس الفعل ومجاز في طلب العزم عليه والتوطين له لقصد الامتحان وغيره وانكشاف عدم الشرط قرينة على ذلك متأخرة عن الخطاب وما قيل أن الامتحان لا يصح في حقه تعالى لأنه عالم بالعواقب ففيه ما لا يخفى إذ لا تنحصر فايدة الامتحان في خصوص حصول العلم للامر بل قد يكون للغير وللمكلف ولاتمام الحجة كما لا يخفى وبما ذكرنا يعلم الجواب عما يقال في هذا المقام أيضا بأنه لو جاز الامر لمجرد مصلحة في نفس الامر مما ذكر لما دل الامر على وجوب المقدمة ولا النهي عن ضده ولا على كون المأمور به حسنا فإن الدلالة على المذكورات إنما هي من خواص الصيغة فلا يخرج عنها إلا بالقرينة على المجاز ومجرد الاستعمال لا يوجب الحقيقة حتى يحصل الاشتراك الموجب للاجمال المانع عن الدلالة ومن عدم إرادة المذكورات في بعض الأحيان لا يلزم عدم دلالة اللفظ من حيث هو وأما المقام الثاني فذهب أصحابنا فيه إلى عدم الجواز و
(١٢٥)