التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والاقبال إليه، وأن لا ترفع عليه صوتك، ولا تجيب (1) أحدا (2) يسأله عن شئ، حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدث في مجلسه أحدا، ولا تغتاب عنده أحدا، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، وأن تستر عيوبه، وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدوا، ولا تعادي له وليا.
فإذا فعلت ذلك، شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه، لله جل اسمه، لا للناس. وحق رعيتك بالعلم أن تعلم أن الله عز وجل إنما جعلك قيما لهم فيما اتاك من العلم، وفتح لك من خزائنه. فان أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم زادك الله من فضله. وإن أنت منعت الناس علمك، أو خرقت بهم عند طلبهم منك، كان حقا على الله عز وجل أن يسلبك العلم و بهاءه، ويسقط من القلوب محلك " (3).
وبالاسناد المذكور عن المفيد، عن أحمد بن محمد بن سليمان الزراري، قال:
حدثنا مؤدبي علي بن الحسين السعد آبادي، عن أبي الحسن القمي، قال:
حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن رجل، عن أبي عبد الله، عليه السلام، قال: كان علي، عليه السلام، يقول:
" إن من حق العالم أن لا تكثر عليه السؤال ولا تأخذ بثوبه. وإذا دخلت عليه، وعنده قوم، فسلم عليهم جميعا، وخصه بالتحية دونهم، واجلس بين يديه، ولا تجلس خلفه، ولا تغمز بعينك (4)، ولا تشر بيدك، ولا تكثر من القول: قال فلان و قال فلان، خلافا لقوله، ولا تضجر بطول صحبته، فإنما مثل العالم مثل النخلة، تنتظرها حتى يسقط (5) عليك منها شئ. والعالم أعظم أجرا من الصائم القائم الغازي في سبيل الله (6)، وإذا مات العالم ثلم في الاسلام ثلمة لا يسدها شئ إلى يوم القيامة.