على أن مذهبنا فيمن جمع بين الايمان والمعصية (1) معروف، وعندنا ان معاصي المؤمنين من أهل الصلاة لا تسقط ولايته وتعظيمه، والمعاصي عندنا وان كان جميعها كبيرا، وانها تسمى صغائر بالإضافة، فليس يجوز أن نلعن فاعلها، أو نحاربه، أو نحده، أو نستعمل معه الاحكام التي تستعمل مع العصاة، الا بتوقف على ذلك.
وانما تستعمل هذه الأحكام مع بعض عصاة أهل الصلاة بالتوقيف، وما لم يرد فيه سمع من معاصيهم لا تقدم على المساواة بينه وبين غيره فيما ذكرناه، بل يقتصر على الذم المشروط أيضا ببقاء استحقاق العقاب، لأنا نجوز من اسقاط الله تعالى لعقابهم تفضلا ما يمنع من استحقاقهم الذم، كما منع من استحقاق العقاب.
فالقول فيما ذكرناه واضح، وما ألزموناه باطل على كل مذهب.
فاما تعلقهم بولاية بعضهم بعضا مع المخالفة في المذهب، وان ذلك يدل على التصويب، فليس على ما ظنوا، وذلك انهم لم يول أحد منهم واليا، لا شريحا ولا زيدا ولا غيرهما، الا على أن يحكم بكتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وما أجمع عليه المسلمون، ولا يتجافوا (2) الحق في الحوادث، ولا يتعداه، وإذا قلده بهذا الشرط لم يمكن ان يقال انه يسوغ (3) له الحكم بخلاف مذهبه، لأنهم لا يتمكنون من أن يقولوا انه نص له على شئ مما يخافه فيه، وإباحة الحكم فيه بخلاف رأيه.
وجملة ما نقوله: انه ليس لأحد أن يقلد حاكما على أن يحكم بمذهب كذا، أو يقضى برأي فلان بل يقلده على أن يحكم بالكتاب والسنة والاجماع، ولم يول القوم أحدا الا على هذا.