ولا يجوز ان يجمعوا على الذهاب عما يجب ان يعلموه، لان الامام يجب عندنا ان يكون عالما بجميع ما نصب فيه وجعل حاكما فيه، فلا يجوز أن يكون امر يجب أن يعلم فلا يعلمونه كلهم، لان ذلك يؤدى إلى نقض كون الامام عالما بجميع الاحكام، ويؤدى أيضا إلى نقض كون المعصوم في جملتهم، لان المعصوم لا يجوز أن يخل بما تجب معرفته.
فاما ما لا يجب العلم به، فلا يمتنع ان يذهب عن جميعهم، لأنه ليس هاهنا وجه يوجب علمهم بذلك.
وإذا قلنا: ان المراعى في اجماع الطائفة باجماع العلماء بالأصول والفروع، فلا ينبغي أن يعتبر قول من ليس هو من جملة العلماء.
فان كان هناك من لا يعلم حاله، وهل هو عالم بذلك أم لا؟ ويكون قوله مخالفا لقول الباقين، فينبغي أن يكون خلافه خلافا، لأنا لا نأمن أن يكون ممن يعلم جميع ذلك، وإذا جوزنا أن يكون عالما بجميع ذلك، جوزنا أن يكون إماما، وإذا جوزناه إماما لم يمكن اسقاط خلافه.
واعلم أن الطائفة إذا اختلف على قولين، وجوزنا كون المعصوم داخلا في كل واحد من الفريقين، فان ذلك لا يكون اجماعا.
ولأصحابنا في ذلك مذهبان:
منهم من يقول: إذا تكافأ الفريقان، ولم يكن مع أحدهما دليل يوجب العلم، أو يدل على أن المعصوم داخل معهم فيه، سقطا جميعا، ووجب التمسك بمقتضى العقل من حظر أو إباحة على اختلاف مذاهبهم.
وهذا المذهب ليس بقوي عندي، لأنهم إذا اختلفوا على قولين علم أن قول الإمام موافق لأحدهما لا محالة، لأنه لا يجوز أن يكون قوله خارجا عن القولين، لان ذلك ينقض كونهم مجمعين على قولين، وإذا علمنا دخول قول الإمام في جملة القولين، كيف يجوز اطراحها والعمل بمقتضى العقل؟ ولو جاز ذلك لجاز أن يتعين أيضا قول الإمام، ومع ذلك يجوز لنا تركه والعمل بما في العقل، وذلك باطل بالاتفاق.