فان قيل: كيف تعلمون اجماع الامامية على مسألة وهم منتشرون في أطراف الأرض، وفي البلاد التي يكاد ينقطع خبر أهلها عن البلاد الاخر، وهل هذا الا متعذر مستحيل؟
قيل له: السائل عن هذا السؤال لا يخلو من أن يريد به الطعن في الاجماع على كل حال، فان ذلك مما لا يصح العلم به على حال أو يريد اختصاص الامامية بهذا السؤال دون غيرهم:
فان أراد الأول: فقوله يسقط، لان من هو في أطراف الأرض وفي البلاد البعيدة، اخبارهم متصلة وخاصة العلماء منهم، لان الدين تراعى أقوالهم هم العلماء دون العامة الذين لا يعتبرون في هذا الباب، ولهذا لا يشك (1) أحد من العلماء في الأرض من يعتقد الفرض في غسل أعضاء الطهارة مرتين مرتين (2)، بل نعلم (3) اجماع العلماء في جميع المواضع على أن الفرض واحد من الغسلات، وكذلك نعلم أنه ليس في الأمة من يورث المال إذا اجتمع جد وأخ للأخ دون الجد، لان المتقرر بين العلماء والذين اجمعوا عليه القول بان المال اما للجد كله أو بينهما، ولا يقول أحد ان المال للأخ دون الجد، ونظاير ذلك كثيرة جدا من المسائل التي يعلم اجماع العلماء عليها، فمن أراد بهذا السؤال إحالة ذلك فقد أبطل.
وان أراد اختصاص الامامية بالسؤال: فذلك لا يخصهم لان على كل من اعتبر الاجماع مثل هذا السؤال، بل إن كان ذلك محالا في الامامية لانتشارهم في البلدان، كان ذلك في المسلمين كلهم أشد استحالة، لأنهم أكثر وأشد انتشارا، فعلم بذلك ان السؤال ساقط على الوجهين معا فان قيل: من الذي يجب أن يعتبر قوله إذا لم يتميز قول الإمام المعصوم، أم أقول