اما تركه لما يتركه، فقد يكون تركا لأمر يخصه، وليس لذلك مدخل في هذا الباب. وقد يكون تركا لفعل يقتضى بعض الخطاب وجوبه، فذلك تخصيص له.
وإذا ترك النبي صلى الله عليه وآله وسلم قطع يد سارق أقل من ربع دينار مع أنه لا وجه يقتضى لاسقاط قطعه، علم بذلك أن القدر الذي سرق لا يستحق به القطع.
فاما إذا جوزنا أن يكون ماله ترك قطعه امر آخر، فلا يدل على ذلك.
ولو ترك عليه السلام الفعل في وقت اقتضى القرآن وجوبه فيه، لعد ذلك نسخا أو تخصيصا.
وإذا ترك عليه السلام عند قيامه إلى الثانية الرجوع إلى القعود، دل على أنه ليس من أركان الصلاة.
واما تركه الصلاة في وقت لعذر، فليس يدل على سقوطه، بل يجوز أن يؤخر إلى وقت اخر.
واما اقراره الغير على فعل: فإنه ان كان لم يتقدم منه بيان قبحه، فان اقراره يدل على حسنه، لأنه لو لم يكن حسنا لبينه قبل فعله فضلا عن ذلك في حال فعله.
وان كان قد تقدم بيان قبحه نظر فيه:
فان كان قد علم من حاله انه يظن أنه إذا أنكر ترك المنكر عليه فعله فلم ينكره، دل على حسنه.
وان لم يعلم ذلك من حاله نظر، فان كان قبح ذلك مستفادا بالشرع لا بالعقل، فإذا لم ينكره ولم يحصل ما يجرى مجرى الانكار دل على حسنه، لأنه إذا كان قبيحا ويعلم قبحه من جهته فاقر عليه، أوهم انه منسوخ، فادى تركه النكير لذلك إلى التنقير عن القبول منه، فعلى هذا يجب أن يجرى اقراره.
واما الطريق الذي يعلم به ان فعله مباح، فوجوه:
: منها انه لو كان قبيحا لما فعله، فيعلم بذلك انه حسن، فإذا عدمنا الدليل على وجوبه أو كونه ندبا علمنا أنه مباح.