له من حافظ معصوم لا يجوز عليه الغلط؟ وإذا كان لابد من ذلك على مذهبكم فمتى اندرست الشريعة أمكن الرجوع إليه فيها فلا يحتاج إلى نبي اخر.
قيل له: نحن انما نوجب حافظا للشرع معصوما إذا علمنا ارتفاع الوحي وانقطاع النبوة، ونحن نعلم أن التواتر لا يمكن حفظ الشرع به، لأنه يجوز أن يصير آحادا، فإذا لابد لها من حافظ معصوم، وليس كذلك في الشرائع المتقدمة لأنه لا يمتنع أن تكون تلك الشرائع محفوظة بالتواتر، فمتى فرضنا انها صارت آحادا وبحيث لا ينقطع عذر المكلفين بنقلها بعث الله تعالى نبيا اخر يبينها ويستدركها، هذا إذا فرضنا بقاء التكليف بالشريعة الأولة على من يجيئ فيما بعد.
فاما إذا فرضنا انه يجوز أن يكون التكليف للشريعة الأولى إذا صارت آحادا قد ارتفع ووجب التمسك بما في العقل، فان ذلك لا يجب أيضا معه أن يكون لها حافظ ولا بعث (1) نبي اخر، وكان يجوز أيضا ان يتعبد باخبار الآحاد إذا صارت الشريعة إلى حد لا ينقل الا من جهة الخبر الواحد، وكل ذلك مفقود في شريعتنا، لان الوحي قد ارتفع، والرسالة قد انقطعت، والتكليف باق إلى يوم القيمة، والعمل بخبر الواحد غير صحيح على ما بيناه فيما مضى، فلو لم يكن لها معصوم، والتواتر يجوز أن يصير آحادا، كان ذلك يؤدى إلى أن الشرع غير محفوظ أصلا، وذلك لا يجوز.
واستدل من خالفنا على صحة قوله بأشياء (2).
منها: انه لو لم يكن متعبدا بشريعة من تقدم لم يذكى قبل بعثته، ولا يأكل اللحم المذكى، ولا كان يحج ويعتمر، ولا كان يركب البهايم ويحمل عليها، لان جميع ذلك يحسن سمعا، وفي علمنا بأنه كان يفعل ذلك دليل على صحة ما قلناه.
وهذا لا يلزمنا على ما قررنا من مذهبنا في هذا الباب (3)، لأنا قلنا: انه قبل بعثته