لان ما بيناه قد أسقط ذلك. فاما تخصيص الفعل بالفعل: فلا يصح لان الفعل لا يتناول أشياء يخص منها بعضها.
فاما من جهة المعنى: فان التخصيص في الفعل انما يكون بان يعلم أن المراد بالفعل الأول جميع المكلفين وذلك الفعل واجب، فإذا رأيناه قد أقر بعضهم على تركه أو مدحه عليه، علم أنه مخصوص من جملتهم، وسواء كان المدح والاقرار منه عقيب الفعل الأول أو بعده بزمان متراخ على ما جوزناه من تأخير البيان عن وقت الخطاب.
فاما من أبي ذلك، فإنه لا يجوز ذلك الا إذا كان عقيب الفعل الأول على بعد ذلك عنده.
واما تخصيصه عليه السلام نفسه: فإنه لا يصح لان التخصيص يدل على أن المخصوص من الجملة لم يرد، وفعله عليه السلام قد أنبأ على أنه مراد، فيستحيل تخصيصه نفسه في الحال من هذا الوجه، فاما في المستقبل فإنه لا يمتنع ذلك فيه. واما القول في فعله وأمره إذا تضادا وتعارضا، فإنه يجب أن ينظر فيهما:
فان كان القول متقدما، وقد مضى الوقت الذي يجب فعله فيه، ثم فعل عليه السلام ما يعارض ذلك فهو نسخ، وذلك نحو تركه قتل شارب الخمر في المرة الرابعة بعد قوله: " فان شربها الرابعة فاقتلوه " (1) على ما يرويه مخالفونا، وانما ذكرناه مثلا لو ثبت.
فان فعل ذلك قبل مجيئ الوقت الذي تعبدنا بالفعل فيه، فلا يصح أن يكون نسخا، بل يجب حمله على أنه مخصوص، لان النسخ قبل الوقت لا يجوز.
فاما إذا تقدم الفعل ثم وجد القول يقتضى رفع ما اقتضاه الفعل، فذلك نسخ لا محالة، لأنه متأخر عن حال استقرار الفرض.