أنه إذا فعل الفعل على وجه الإباحة، وعلم من ذلك من حاله لا يجوز أن نفعله على وجه الوجوب، ولا ان نحكم بوجوبه علينا.
وانما اختلفوا في أفعاله التي لا يعلم على أي وجه وقعت منه، هل نحكم بوجوب مثلها علينا أم لا (1)؟، ولم يختلفوا في أن أفعاله التي هي عبادة نحو الصلاة، والصيام، يجب التأسي به فيها واختلفوا في ما عدا ذلك:
فمنهم من يقول: لا يجب التأسي به الا بدليل يخص ذلك.
ومنهم من يقول: ان ما دل على وجوب التأسي به في بعضه يدل على التأسي به في سائره فجميع أفعاله سواء في أنه يتأسى به، الا ما استثنى منها.
وما قدمناه يدل على صحة ذلك.
وقوله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) (2) وقوله تعالى:
(فاتبعوه) (3) يدلان على أن التأسي به واتباعه فيما يصح اتباعه فيه من قول أو فعل.
وما ظهر من حال الصحابة من رجوعهم إلى أفعاله صلى الله عليه وآله، نحو ما روى عن عمر انه قبل الحجر وقال " اعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبلك ما قبلتك (4).
ورجوعهم إلى أزواجه عليه السلام في ثبوت ما كان يفعله ليفعلوه (5) يدل، -