استثني منه فإن ذلك لا يكون تخصيصا للكل، فكان يعتل لذلك بأن القبلة نسخت بالقبلة، ولم يوجب ذلك نسخا للصلاة وكان يلحق بذلك صيام عاشوراء ونسخه بشهر رمضان ويقول: إن النسخ تناول الوقت لا العبادة، وأن الواجب من الصوم في شهر رمضان هو الذي كان واجبا في عاشوراء وكان يجعل ذلك أصلا في أن الشرط الحاصل للعبادة الأولة يجب أن يكون حاصلا للثانية أيضا ويقول: إذا كان المتقرر في صوم عاشوراء أنه يجوز بنية غير مبنية فكذلك يجب في رمضان لأن صوم رمضان هو صوم عاشوراء وإنما نسخ وقته.
وذهب بعضهم: إلى أن النقصان من العبادة يقتضى النسخ وفي كلام الشافعي ما يدل على ذلك.
ولا خلاف ان النقصان يقتضى نسخ ما أسقط، لأنه كان واجبا في جملة العبادة ثم أزيل وجوبه، وانما الخلاف في أنه يقتضى نسخ ما بقى من العبادة أم لا؟
والذي ينبغي أن يعتمد في هذا الباب أن يقال العبادات الشرعية قد تكون جملة ذات شروط كالصلاة، وتكون فعلا واحدا وله شروط، وقد يكون فعلا مجردا عن الشرط.
فإذا كانت العبادة فعلا واحدا، فالنسخ انما يصح فيها بأن يسقط وجوبها، ولا يصح ان ينسخ بعضها لأنه لا بعض لها.
فاما نسخ شروطها، فإنه لا يوجب نسخها، وكذلك نسخ شروط الجملة التي هي ذات شرط لا يوجب نسخها، لان من حق الشروط أن يكون في حكم التابع للمشروط، لأنه يجب لأجله، وليس في نسخه تغيير حال المشروط، وهذا مثل أن ينسخ الطهارة فان ذلك لا يوجب نسخ الصلاة، بل يجب بقاء حكم الصلاة على ما كان عليه من قبل.
فاما إذا نسخ بعض تلك الجملة كنسخ القبلة، أو كنسخ ركوع، أو سجود فان ذلك يوجب نسخ الجملة لان تلك الجملة في المستقبل لو أوقعت على الحد الذي كانت واجبة أو لا لم تجز ووجب اعادتها، فصار نقصان القبلة بمنزلة اخراج الصلاة من