به وهذا هو (1) الذي أفسدناه آنفا.
وان كان أراد أحدهما فهو المأمور به دون الاخر، والنهي أنبأ عن أنه لم يرد غير هذا الفعل فقط، وهذا جائز عندنا.
هذا إذا صح الجمع بين الفعلين فأما إن تعذر ذلك فالامر بهما مستحيل إلا على وجه التخيير، ومتى أمر بهما على وجه التخيير فقد أريدا جميعا، والنهي عن أحدهما كالنهي عنهما جميعا في أنه نهي عما أمر به.
فإن قال: أفيجوز عندكم أن يأمر بالشئ في وقت وينهى عنه قبل وقته عن مثله، وإن لم يكن ذلك نسخا؟
قيل له: إذا كانا مثلين وواقعين على وجه واحد فبعيد أن يكون أحدهما مصلحة والاخر مفسدة، فكذلك لم يحسن النهي عن مثل ما امر به في وقته.
فإن قالوا: إنا نجوز النسخ قبل وقت الفعل، بأن يأمر الله تعالى بالفعل ويريد منا اعتقاده أو العزم عليه، ثم ينهى عن الفعل بعينه فيكون المنهي عنه غير المأمور به.
قيل لهم: إن الاعتقاد يتبع المعتقد، لأنه إنما يتناول الشئ على ما هو به حتى يحسن أن يؤمر به لأنه لو كان على خلاف ما هو به لكان جهلا وذلك قبيح لا يحسن الامر به، فإذا لا بد من أن يكون اعتقادا للشئ على ما هو به وليس يخلو أن يكون متناولا لكون المعتقد واجبا، أو لكونه مرادا، أو مأمورا، أو يكون اعتقادا لان يفعله.
وانما قلنا ذلك، لأنه لابد من أن يكون لهذا الاعتقاد معتقد على صفة، فان كان اعتقادا لوجوبه فلابد أن يكون المعتقد واجبا، والا كان الاعتقاد جهلا، وإذا وجب أن يكون واجبا فالنهي عنه قبيح، وكذلك إن كان اعتقادا لكونه مرادا أو مأمورا به، وإن كان اعتقادا لان يفعله، فيجب أن يقطع على أنه يفعله لا محالة، وذلك لا يصح من المكلف، لأنه يجوز الاخترام دونه.
فإن قال: إنه أمرا بأن يعتقد كونه واجبا بشرط أن لا ينهى عنه، أو أن يعتقد أنه