عنه لا يحسن.
فإن قالوا: كما يحسن أن يأمر بالفعل بشرط ألا يمنع منه ولا يخترم دونه، فكذلك يحسن أن يأمر بشرط ألا ينهى عنه.
قيل له: إن الذي جعله أصلا في الفساد مثل ما يثبت عليه، لان الامر بما يمنع منه قبيح، كما يقبح الامر بما لا يطاق، لان مراد الامر عز وجل أن يفعل المأمور ما أمره به من الصلاح، فلو لم يكن هذا مراده لقبح، ولا يصح أن يكون ذلك مقصده ومع ذلك يأمره بما يعلم أنه يمنعه منه.
وقد تعلق من خالف في ذلك بأشياء (١).
منها: قوله تعالى ﴿يمحو الله ما يشاء ويثبت﴾ (٢) فأخبر أنه يمحو ما يشاء، فيجب أن يكون أمره بالشئ ثم ازالته عنه بنهي أو غيره جائزا.
ومنها: أن الله تعالى أمر إبراهيم عليه السلام بذبح ولده، ثم نسخ عنه قبل الذبح لأنه قال: ﴿يا بني إني أرى في المنام اني أذبحك فانظر ماذا ترى﴾ (٣) ثم قال بعد ذلك: ﴿وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا﴾ (4) فمنعه من الذبح، وفداه بذبح عظيم، وهذا هو نسخ الشئ قبل وقت الفعل.
ومنها: ما روي أن الله تعالى أوجب على نبينا عليه السلام ليلة المعراج خمسين صلاة ثم أزالها إلى خمس قبل وقت الفعل.
قالوا: وقد صالح النبي عليه السلام قريشا على رد النساء، ثم نسخه قبل وقت الفعل.
والجواب عن الأول: أنه ليس في الآية أنه يثبت ما محا، ويمحو ما أثبت، ولا يمتنع عندنا أن يمحو غير ما أثبت ويثبت غير ما محا فأي تعلق لهم بالظاهر؟