والوطء، وليس كذلك في قوله: ﴿حرمت عليكم الميتة﴾ (١)، بل المراد هاهنا غير المراد هناك، وذلك أنه لا يمتنع أن يتعارف استعمال التحريم المعلق بالعين في أعيان مختلفة بحسب ما جرت العادة بفعلها في الأعيان، ويتعارف عن تحريم الأمهات الاستمتاع، ومن تحريم الميتة الأكل، لأن اللفظة الواحدة لا يمتنع ان يختلف المعقول بها بحسب اختلاف ما تعلق به، ألا ترى أن النظر بالعين لا يعقل منه ما يعقل من النظر بالقلب، فلما جاز أن يختلف المعقول من النظر بحسب اختلاف ما تعلق به من العين والقلب، فكذلك القول في التحريم.
وليس لأحد أن يقول: إذا كان المحرم من الأمهات غير المحرم من الميتة، علم أن اللفظ لا يفيد، إذ لو أفاده لأتفق ما يفيده في الموضعين، أو يكون ذلك مجازا على ما مر في كلام أبي هاشم، وذلك أن الذي يقال في ذلك أنه مجاز في اللغة وإن كان حقيقة في العرف، كما تقول في " الغائط " و " الدابة " وما أشبههما.
وذهب قوم ممن تكلم في أصول الفقه إلى أن قوله تعالى: ﴿والذين هم لفروجهم حافظون﴾ (٢) الآية، وقوله: ﴿والذين يكنزون الذهب والفضة﴾ (3) الآية، وغير ذلك من الآيات التي ذكر فيها المدح أو (4) الذم مجمل، وقالوا: إن القصد بها تعليق الذم بالفعل المذكور فيها أو المدح لا بيان الحكم بها وتفصيله، فالتعلق بها في الحكم وفي شروطه لا يصح (5).