المشركين) (١) وما جرى مجراه.
وإن كانت ألفاظ العموم متى خلينا وظاهرها لم يمكننا أن نستعملها فيما أريد منا على وجه، كان ذلك مجملا واحتاج إلى بيان ما أريد منا، وذلك نحو قوله:
﴿أقيموا الصلاة﴾ (٢)، لأنا لو خلينا وظاهر الآية لم يمكننا أن نستعملها فيما أريد منا على وجه، فوقف ذلك على البيان.
والذي يدل على صحة ما اخترناه: أن الخطاب إذا ورد وكان الحكم متعلقا باسم معقول في اللغة، وجب حمله عليه ولا ينتظر به أمر آخر، إلا أن يدل دليل على أنه لم يرد ما وضع له في اللغة، ولولا ذلك لما صح التعلق بشئ من الخطاب، لأنه يجوز أن يراد بكل خطاب غير ما وضع له، ولا مخص من ذلك إلا بأن يقال لو أريد به غير ما وضع له ليبين، وذلك بعينه موجود في ألفاظ العموم، ولا يلزمنا مثل ذلك في قوله ﴿أقيموا الصلاة﴾ (3) لأنا قد علمنا أنه لم يرد بذلك ما وضع له في اللغة، فلذلك وقف على البيان.
والذي يبين أيضا ما ذكرناه: أن ما خص بالاستثناء إنما يصح التعلق به لما قدمناه من أن ما عدا الاستثناء يمكن أن يعلم به، وإن كان الاستثناء قد صيره مجازا على ما دللنا عليه فيما مضى، فيجب مثل ذلك في كل عموم خص بدليل وإن كان منفصلا.
ويدل على ذلك أيضا: أنه لو كان من شرط صحته التعلق بألفاظ العموم أن لا يكون قد خصت، أو أن لا يحتاج إلى معرفة أوصاف لا ينبئ الظاهر عنها، أدى إلى ألا يصح التعلق بشئ من ألفاظ العموم، لأنه ليس هاهنا شئ من ألفاظ العموم إلا وهو إما مخصوص، وإما أن يحتاج إلى أوصاف لا ينبئ الظاهر عنها، وذلك يؤدي