يقتضي مقدارا من المسح، فمن مسح بشئ من رأسه فقد أدى ما يوجبه الظاهر، ولا حاجة به إلى البيان (١).
والذي نقوله في هذه الآية: إن الباء تفيد عندنا التبعيض - على ما بيناه فيما مضى - من أنها إنما تدخل للإلصاق إذا كان الفعل لا يتعدى إلى المفعول به بنفسه، فيحتاج إلى إدخال الباء ليلصق الفعل به، فأما إذا كان الفعل مما يتعدى بنفسه فلا يجوز أن يكون دخولها لذلك، فإذا ثبت ذلك فقوله: ﴿وامسحوا برؤوسكم﴾ (2) يتعدى بنفسه، لأنه يحسن أن يقول: (امسحوا رؤوسكم) فيجب أن يكون دخولها لفائدة أخرى وهي التبعيض، إلا أن ذلك البعض لما لم يكن معينا، كان مخيرا بين أي بعض شاء، فإن علم بدليل أنه أريد منه موضع معين لا يجوز غيره، وقف ذلك على البيان، وصارت الآية مجملة من هذا الوجه.
ومن الناس من قال: إن قوله: (فاقطعوا أيديهما) (3) يقتضى قطع اليد إلى المنكب لأن ذلك يسمى يدا (4).
وقال آخرون: إنه مجمل لاحتماله له ولغيره (5).
وقال آخرون: إنه ليس بمجمل، لأن " اليد " في الحقيقة تتناول جملة العضو فيجب حمله عليها، ولو كانت تقع على العضو إلى المنكب والزند جميعا لوجب حمله على أقل ما يتناوله، إلا أن يدل الدلالة على خلافه، فادعاء الإجمال فيه لا