بفاتحة الكتاب " (1) " ولا صلاة إلا بطهور " (2)، " ولا نكاح إلا بولي " (3)، مجمل، وقالوا:
إن حرف النفي لا يصح أن يكون داخلا على الفعل مع صحة وقوعه عاريا من هذه الشروط، فيجب أن يكون داخلا على الحكم، والحكم قد يكون الأجزاء، وقد يكون للتمام والفضل، لأنه قد يقال: (لا صلاة كاملة الا بفاتحة الكتاب)، كما يقال: (لا صلاة لجار المسجد إلا في مسجده) (4) وأراد بذلك ما قلنا من نفي الفضل، ولم يرد نفي الأجزاء بالإتفاق، ويمكن أن يريد: (لا صلاة مجزية إلا بفاتحة الكتاب) وإذا لم يكن في اللفظ تصريح بأحديهما وجب أن تكون الآية مجملة.
قالوا: ولا يصح حمله على المعنيين معا، لأن نفى التمام والفضل يقتضي حصول الإجزاء، ونفى الإجزاء يقتضي أنه لم يحصل ذلك، وذلك ينافي أن يراد بعبارة واحدة (5).
وذهب عبد الجبار بن أحمد (6) إلى أن ذلك ليس بمجمل وقال: " لأن حرف النفي يدخل في الفعل الشرعي، وما يقع منه مع عدم الشرط المذكور لا يكون شرعيا فكأنه قال: " لا صلاة شرعية إلا بطهور "، فإذا وقعت من غير طهور لم تكن شرعية، فحرف النفي قد استعمل في الحقيقة فيما دخل فيه.
لكن ما ذكرناه إنما يصح إذا دخل حرف النفي في الفعل الشرعي، فإما إذا حصل فيما عداه فيجب أن ينظر فيه، فإن دخل على الحكم في الحقيقة قضى بنفيه