المصحف راجعه ثلاث مرات ثم راجعه أمير المؤمنين عثمان بنفسه فلما اطمأن قلبه حمل الناس على أن يكتبوا المصاحف على نمط هذا المصحف الامام، فهل بعد هذه المراجعات الأربعة واجماع الصحابة كلهم على قبوله يتطرق الشك إلى قلب أحد من المسلمين في كلام رب العالمين القائل " انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون " ولو جوزنا في نسخ القرآن وكتابته وجمعه السهو والنسيان عليهم أو عدم معرفتهم لأصول الكتابة وقواعد الاملاء لادى ذلك فيه إلى التغيير والتبديل والنقص والزيادة وهذا محال فالقرآن سليم من اللحن والغلط ليس فيه حرف زايد ولا حرف ناقص ولا تبديل في كلمة ولا تحريف في أخرى - وكيف لا يكون كذلك والذين جمعوه هم كبار الصحابة وأشراف العرب الذين عنهم اخذت الفصاحة وفيهم ظهر البيان وقد تلقوه غضا طريا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما ما ورد أن عثمان رضي الله عنه قال (ان في القرآن لحنا ستقيمه العرب بألسنتها) فغير صحيح ولا يعقل ان عثمان يقول ذلك لا قبل جمعه القرآن ولا بعده - نعم انه قال قبل جمعه لما بلغه اختلاف الناس في القرآن حتى اقتتل الغلمان والمعلمون (عندي تكذبون به وتلحنون فيه فمن نأى عنى من الأمصار كان أشد تكذيبا وأكثر لحنا يا أصحاب محمد اجتمعوا فاكتبوا للناس إماما) ولا يخفى الفرق بين القولين
(٥٦)