الغايات الجليلة «ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم» كما أرسلناك إلى قومك «فجاؤوهم بالبينات» أي جاء كل رسول قومه بما يخصه من البينات كما جئت قومك ببيناتك والفاء في قوله تعالى «فانتقمنا من الذين أجرموا» فصيحة أي فكذبوهم فانتقمنا منهم وإنما وضع ضميرهم الموصول للتنبيه على مكان المحذوف والإشعار بكونه علة للانتقام وفي قوله تعالى «وكان حقا علينا نصر المؤمنين» مزيد تشريف وتكرمة للمؤمنين حيث جعلوا مستحقين على الله تعالى أن ينصرهم وإشعار بأن الانتقام من الكفرة لأجله وقد يوقف على حقا على أنه متعلق بالانتقام ولعل توسيط الآية الكريمة بطريق الاعتراض بين ما سبق وما لحق من أحوال الرياح وأحكامها لإنذار الكفرة وتحذيرهم عن الإخلال بمواجب الشكر المطلوب بقوله تعالى لعلكم تشكرون بمقابلة النعم المعدودة المنوطة بإرسالها كيلا يحل بهم مثل ماحل بأولئك الأمم من الانتقام «الله الذي يرسل الرياح» استئناف مسوق لبيان ما أجمل فيما سبق من أحوال الرياح «فتثير سحابا فيبسطه» متصلا تارة «في السماء» في جوها «كيف يشاء» سائرا وواقفا مطبقا وغير مطبق من جانب دون جانب إلى غير ذلك «ويجعله كسفا» تارة أخرى أي قطعا وقرئ بسكون السين على أنه مخفف جمع كسفة أو مصدر وصف به «فترى الودق» المطر «يخرج من خلاله» في التارتين «فإذا أصاب به من يشاء من عباده» أي بلادهم وأراضيهم «إذا هم يستبشرون» فاجئوا الاستبشار بمجيء الخصب «وإن كانوا» إن مخففة من إن وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف أي وإن الشأن كانوا «من قبل أن ينزل عليهم» أي المطر «من قبله» تكرير للتأكد والايذان بطول عهدهم بالمطر واستحكام يأسهم منه وقيل الضمير للمطر أو السحاب أو الارسال وقيل للكسف على القراءة بالسكون وليس بواضح وأقرب من ذلك ان يكون الضمير للاستبشار ومن متعلقة بينزل لتفيد سرعة تقلب قلوبهم من اليأس إلى الاستبشار بالإشارة إلى غاية تقارب زمانيهما ببيان اتصال اليأس بالتنزيل المتصل بالاستبشار بشهادة إذا الفجائية «لمبلسين» خبر كانوا واللام فارقة أي آيسين «فانظر إلى آثار رحمة الله» المترتبة على تنزيل المطر من النبات والأشجار وأنواع الثمار والفاء للدلالة على سرعة ترتبها عليه وقرئ أثر
(٦٤)