من رسول قبله صلى الله عليه وسلم أي ما اتاهم من نذير من قبل انذارك أو من قبل زمانك والترجي معتبر من جهته صلى الله عليه وسلم أي لتنذرهم راجيا لاهتدائهم أو لرجاء اهتدائهم واعلم ان ما ذكر من التأييد انما يتسنى على ما ذكر من كون تنزيل الكتاب مبتدأ واما على سائر الوجوه فلا تأييد أصلا لان قوله تعالى من رب العالمين خبر رابع على الوجه الأول وخبر ثالث على الوجهين الأخيرين وأيا ما كان فكونه من رب العالمين حكم مقصود الإفادة لا قيد لحكم آخر فتدبر «الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش» مر بيانه فيما سلف «ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع» أي ما لكم إذا جاوزتم رضاه تعالى أحد ينصركم ويشفع لكم ويجيركم من بأسه أي ما لكم سواه ولي ولا شفيع بل هو الذي يتولى مصالحكم وينصركم في مواطن النصر على ان الشفيع عبارة عن الناصر مجازا فإذا خذلكم لم يبق لكم ولي ولا نصير «أفلا تتذكرون» أي الا تسمعون هذه المواعظ فلا تتذكرون بها أو أتسمعونها فلا تتذكرون بها فالانكار على الأول متوجه إلى عدم السماع وعدم التذكر معا وعلى الثاني على عدم التذكر مع تحقق ما يوجبه من السماع «يدبر الأمر من السماء إلى الأرض» قيل يدبر امر الدنيا بأسباب سماوية من الملائكة وغيرها نازلة آثارها واحكامها إلى الأرض «ثم يعرج إليه» أي يثبت في علمه موجودا بالفعل «في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون» أي في برهة من الزمان متطاولة والمراد بيان طول امتداد ما بين تدبير الحوادث وحدوثها من الزمان وقيل يدبر امر الحوادث اليومية بإثباتها في اللوح المحفوظ فينزل بها الملائكة ثم تعرج اليه في زمان هو كألف سنة مما تعدون فإن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام وقيل يقضى قضاء الف سنة فينزل به الملك ثم يعرج بعد الألف لألف آخر وقيل يدبر امر الدنيا جميعا إلى قيام الساعة ثم يعرج اليه الامر كله عند قيامها وقيل يدبر المأمور به من الطاعات منزلا من السماء إلى الأرض بالوحي ثم لا يعرج اليه خالصا الا في مدة متطاولة المخلصين والاعمال الخلص وأنت خبير بأن قلة الاعمال الخالصة لا تقتضي بطء عروجها إلى السماء بل قلته وقرئ يعدون بالياء «ذلك» إشارة إلى الله عز وجل باعتبار اتصافه بما ذكر من خلق السماوات والأرض والاستواء على العرش وانحصار الولاية والنصرة فيه وتدبير امر الكائنات على ما ذكر من الوجه البديع وهو مبتدأ خبره ما بعده أي ذلك العظيم الشأن «عالم الغيب والشهادة» فيدبر أمرهما حسبما تقتضيه الحكمة «العزيز» الغالب على امره
(٨٠)