تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٧ - الصفحة ٢٣٥
لا بذواتهم والتقدير ما كان لي فيما سبق علم ما بوجه من الوجوه بحال الملأ الأعلى وقت اختصامهم وتقدير الكلام كما أختاره الجمهور تحجير للواسع فإن علمه عليه الصلاة والسلام غير مقصور على ما جرى بينهم من الأقوال فقط بل عام لها وللأفعال أيضا من سجود الملائكة واستكبار إبليس وكفره حسبما ينطلق به الوحي فلا بد من اعتبار العموم في نفيه أيضا لا محالة وقوله تعالى «إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين» اعتراض وسط بين إجمال اختصامهم وتفصيله تقريرا لثبوت علمه عليه الصلاة والسلام وتعيينا لسببه إلا أن بيان انتفائه فيما سبق لما كان منبئا عن ثبوته الآن ومن البين عدم ملابسته عليه الصلاة والسلام بشئ من مباديه المعهودة تعين انه ليس إلا بطريق الوحي حتما فجعل ذلك أمرا مسلم الثبوت غنيا عن الاخبار به قصدا وجعل مصب الفائدة والمقصود إخبار ما هو داع إلى الوحي ومصحح له تحقيقا لقوله تعالى إنما أنا منذر في ضمن تحقيق علمه عليه الصلاة والسلام بقصة الملأ الأعلى فالقائم مقام الفاعل ليوحي إما ضمير عائد إلى الحال المقدر أو ما يعمه وغيره فالمعنى ما يوحى إلى حال الملأ الأعلى أو ما يوحى إلى ما يوحى من الأمور الغيبية التي من جملتها حالهم إلا لأنما انا نذير مبين من جهته تعالى فإن كونه عليه الصلاة والسلام كذلك من دواعي الوحي إليه ومن موجباته حتما وأما ان القائم مقام الفاعل هو الجار والمجرور أو هو إنما أنا نذير مبين بلا تقدير الجار وأن المعنى ما يوحى إلى إلا للإنذار أو ما يوحى إلى إلا ان انذر وأبلغ ولا أفرط في ذلك كما قيل فمع ما فيه من الاضطرار إلى التكلف في توجيه قصر الوحي على كونه للإنذار في الأول وقصره على الانذار في الثاني فلا يساعده سباق النظم الكريم وسياقه كيف لا والاعتراض حينئذ يكون أجنبيا مما توسط بينهما من إجمال الاختصام وتفصيله فتأمل والله المرشد وقرئ إنما بالكسر على الحكاية وقوله تعالى «إذ قال ربك للملائكة» شروع في تفصيل ما أجمل من الاختصام الذي هو ما جرى بينهم من التقاول وحيث كان تكليمه تعالى إياهم بواسطة الملك صح إسناد الاختصام إلى الملائكة وإذ بدل من إذ الأولى وليس من ضرورة البدلية دخولها على نفس الاختصام بل يكفى اشتمال ما في حيزها عليه فإن القصة ناطقة بذلك تفصيلا والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام لتشريفه والإيذان بان وحى هذا النبأ إليه تربية وتأييد له عليه الصلاة والسلام والكاف وارد باعتبار حال الامر لكونه أدل على كونه وحيا منزلا من عنده تعالى كما في قوله تعالى قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم الخ دون حال المأمور وإلا لقيل ربى لأنه داخل في حيز الامر «إني خالق» أي فيما سيأتي وفيه ما ليس في صيغة المضارع من الدلالة على أنه تعالى فاعل له البتة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه «بشرا» قيل أي جسما كثيفا يلاقى ويباشر وقيل خلقا بادي البشرة بلا صوف ولا شعر ولعل ما جرى عند وقوع المحكى ليس هذا الاسم الذي لم يخلق مسماه حينئذ فضلا عن تسميته به بل عبارة كاشفة عن حاله وإنما عبر عنه بهذا الاسم عند الحكاية «من طين» لم يتعرض
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 28 - سورة القصص 2
2 قوله تعالى: وحرمنا عليه المواضع الآية 5
3 قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل الآية 11
4 قوله تعالى: وقد وصلنا لهم القول الآية 18
5 قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى الآية 24
6 29 - سورة العنكبوت 29
7 قوله تعالى: فآمن له لوط الآية 37
8 (الجزء الحادي والعشرون) قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب الآية 42
9 30 - سورة الروم 49
10 قوله تعالى: منيبين إليه الآية 60
11 قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف الآية 66
12 31 - سورة لقمان قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله الآية 74
13 32 - سورة السجدة 79
14 قوله تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الآية 82
15 33 - سورة الأحزاب 89
16 قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم الآية 96
17 (الجزء الثاني والعشرون) قوله تعالى: ومن يقنت منكن لله الآية 102
18 قوله تعالى: ترجى من تشاء منهم الآية 110
19 لئن لم نبه لمنافقون الآية 115
20 34 - سورة سبأ 120
21 قوله تعالى: ولقد آتينا داود منا فضلا الآية 124
22 قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء الآية 132
23 قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة الآية 138
24 35 - سورة فاطر 141
25 قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء الآية 148
26 قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض 156
27 36 - سورة يس 158
28 (الجزء الثالث والعشرون) قوله تعالى: وما أنزلنا على قومه الآية 165
29 قوله تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني آدم الآية 175
30 37 - سورة الصافات 183
31 قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا الآية 187
32 قوله تعالى: وإن من شيعته لإبراهيم الآية 196
33 قوله تعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 205
34 38 - سورة ص 218
35 قوله تعالى: وهل أتاك نبؤا الخصم الآية 220
36 قوله تعالى: وعندهم قاصرات الطرف أتراب 231
37 39 - سورة الزمر 240
38 قوله تعالى: وإذا مس الإنسان ضر الآية 244
39 (الجزء الرابع والعشرون) قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله الآية 254
40 قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية 259
41 40 - سورة غافر 265
42 قوله تعالى: أولم يسيروا في الأرض الآية 272
43 قوله تعالى: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة الآية 277
44 قوله تعالى: قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله 283