«إن ذلك» أي الذي حكى من أحوالهم «الحق» لا بد من وقوعه البتة وقوله تعالى «تخاصم أهل النار» خبر مبتدأ محذوف والجملة بيان لذلك وفي الابهام أولا والتبيين ثانيا مزيد تقرير له وقيل بدل من محل ذلك وقيل بدل من حق أو عطف بيان له وقرئ بالنصب على انه بدل من ذلك وما قيل من انه صفة له فقد قيل عليه ان اسم الإشارة لا يوصف الا بالمعرف باللام يقال بهذا الرجل ولا يقال بهذا غلام الرجل «قل» امر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان يقول للمشركين «إنما أنا منذر» من جهته تعالى أنذركم عذابه «وما من إله» في الوجود «إلا الله الواحد» الذي لا يقبل الشركة والكثرة أصلا «القهار» لكل شيء سواه «رب السماوات والأرض وما بينهما» من المخلوقات فكيف يتوهم ان يكون له شريك منها «العزيز» الذي لا يغلب في امر من أموره «الغفار» المبالغ في المغفرة يغفر ما يشاء لمن يشاء وفي هذه النعوت من تقرير التوحيد والوعد للموحدين والوعيد للمشركين مالا يخفي وتثنية ما يشعر بالوعيد من وصفى القهر والعزة وتقديمهما على وصف المغفرة لتوفية مقام الانذار حقه «قل» تكرير الامر للايذان بأن المقول امر جليل له شأن خطير لابد من الاعتناء به امرا وائتمارا «هو» أي ما أنبأتكم به من اني منذر من جهته تعالى وانه تعالى واحد لا شريك له وانه متصف بما ذكر من الصفات الجليلة والأظهر انه القرآن وما ذكر داخل فيه دخولا أوليا كما يشهد به آخر السورة الكريمة وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة «نبأ عظيم» وارد من جهته تعالى وقوله تعالى «أنتم عنه معرضون» استئناف ناع عليهم سوء صنيعهم به ببيان انهم لا يقدرون قدره الجليل حيث يعرضون عنه مع عظمته وكونه موجبا للإقبال الكلي عليه وتلقيه بحسن القبول وقيل صفة أخرى لنبأ وقوله تعالى «ما كان لي من علم بالملإ الأعلى» الخ استئناف مسوق لتحقيق انه نبأ عظيم وارد من جهته تعالى بذكر نبأ من أنبائه على التفصيل من غير سابقة معرفة به ولا مباشرة سبب من أسبابها المعتادة فإن ذلك حجة بينة دالة على ان ذلك بطريق الوحي من عند الله تعالى وان سائر أنبائه أيضا كذلك والملا الأعلى هم الملائكة وآدم عليهم السلام وإبليس عليه اللعنة وقوله تعالى «إذ يختصمون» متعلق بمحذوف يقتضيه المقام إذ المراد نفي علمه عليه الصلاة والسلام بحالهم
(٢٣٤)