وتنفرا من مصاحبتهم وقيل كل ذلك كلام الرؤساء بعضهم مع بعض في حق الأتباع «قالوا» أي الأتباع عند سماعهم ما قيل في حقهم ووجه خطابهم للرؤساء في قولهم «بل أنتم لا مرحبا بكم» الخ على الوجهين الأخيرين ظاهر واما على الوجه الأول فلعلهم انما خاطبوهم مع ان الظاهر ان يقولوا بطريق الاعتذار إلى الخزنة بل هم لا مرحبا بهم الخ قصدا منهم إلى اظهار صدقهم بالمخاطبة مع الرؤساء والتحاكم إلى الخزنة طمعا في قضائهم بتخفيف عذابهم أو تضعيف عذاب خصمائهم أي بل أنتم أحق بما قيل لنا أو قلتم وقوله تعالى «أنتم قدمتموه لنا» تعليل لاحقيتهم بذلك أي أنتم قدمتم العذاب أو الصلى لنا وأوقعتمونا فيه بتقديم ما يؤدي اليه من العقائد الزائفة والاعمال السيئة وتزيينها في أعيننا وإغرائنا عليها لا أنا باشرناها من تلقاء أنفسنا «فبئس القرار» أي فبئس المقر جهنم قصدوا بذمها تغليظ جناية الرؤساء عليهم «وقالوا» أي الاتباع أيضا وتوسيطه بين كلاميهم لما بينهما من التباين البين ذاتا وخطابا أي قالوا معرضين عن خصومتهم متضرعين إلى الله تعالى «ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار» كقولهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار أي عذابا مضاعفا أي ذا ضعف وذلك بأن يزيد عليه مثله ويكون ضعفين كقوله ربنا آتهم ضعفين من العذاب أو قيل المراد بالضعف الحيات والأفاعي «وقالوا» أي الطاغون «ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار» يعنون فقراء المسلمين الذين كانوا يسترذلونهم ويسخرون منهم «اتخذناهم سخريا» بهمزة استفهام سقطت لأجعلها همزة الوصل والجملة استئناف لا محل لها من الاعراب قالوه انكارا على أنفسهم وتأنيبا لها في الاستسخار منهم «أم زاغت عنهم الأبصار» متصل باتخذناهم على ان أم متصلة والمعنى أي الامرين فعلنا بهم الاستسخار منهم أم الازدراء بهم وتحقيرهم وان ابصارنا كانت تزيغ عنهم وتقتحمهم على معنى انكار كل واحد من الفعلين على أنفسهم توبيخا لها أو على انها منقطعة والمعنى اتخذناهم سخريا بل أزاغت عنهم ابصارنا كقولك أزيد عندك أم عندك عمرو على معنى توبيخ أنفسهم على الاستسخار ثم الاضراب والانتقال منه إلى التوبيخ على الازدراء والتحقير وقرئ اتخذناهم بغير همزة على انه صفة أخرى لرجالا فقوله تعالى أم زاغت متصل بقوله مالنا لا نرى والمعنى مالنا لا نراهم في النار أليسوا فيها فلذلك لا نراهم أم زاغت عنهم ابصارنا وهم فيها وقد جوز ان تكون الهمزة مقدرة على هذه القراءة وقرئ سخريا بضم السين
(٢٣٣)