كان بينهما الا نبيان هود وصالح عليهم السلام وكان بين نوح وإبراهيم الفان وستمائة وأربعون سنة «إذ جاء ربه» منصوب باذكر أو متعلق بما في الشيعة من معنى المشايعة «بقلب سليم» أي من آفات القلوب أو من العلائق الشاغلة عن التبتل إلى الله عز وجل ومعنى المجيء به ربه اخلاصه له كأنه جاء به متحفا إياه بطريق التمثيل «إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون» بدل من الأولى أو ظرف لجاء أو لسليم أي أي شيء تعبدونه «أئفكا آلهة دون الله تريدون» أي أتريدون آلهة من دون الله افكا أي للإفك فقدم المفعول على الفعل للعناية ثم المفعول له على المفعول به لان الأهم مكافحتهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم ويجوز ان يكون افكا مفعولا به بمعنى أتريدون افكا ثم يفسر الافك بقوله آلهة من دون الله دلالة على انها افك في نفسها للمبالغة أو يراد بها عبادتها بحذف المضاف ويجوز ان يكون حالا بمعنى آفكين «فما ظنكم برب العالمين» أي بمن هو حقيق بالعبادة لكونه ربا للعالمين حتى تركتم عبادته خاصة وأشركتم به اخس مخلوقاته أو فما ظنكم به أي شيء هو من الأشياء حتى جعلتم الأصنام له أندادا أو فماظنكم به ماذا يفعل بكم وكيف يعاقبكم بعد ما فعلتم ما فعلتم من الاشراك به «فنظر نظرة في النجوم» قيل كانت له عليه الصلاة والسلام حمى لها نوبة معينة في بعض ساعات الليل فنظر ليعرف هل هي تلك الساعة فإذا هي قد حضرت «فقال إني سقيم» وكان صادقا في ذلك فجعله عذرا في تخلفه عن عيدهم وقيل أراد اني سقيم القلب لكفركم وقيل نظر في علمها أو في كتبها أو في احكامها ولا منع من ذلك حيث كان قصده عليه الصلاة والسلام ايهامهم حين أرادوا ان يخرجوا به عليه الصلاة والسلام إلى معيدهم ليتركوه فإن القوم كانوا نجامين فأوهمهم انه قد استدل بأمارة في النجوم على انه سقيم أي مشارف للسقم وهو الطاعون وكان أغلب الأسقام عليهم وكانوا يخافون العدوي ليتفرقوا عنه فهربوا منه إلى معبدهم وتركوه في بيت الأصنام وذلك قوله تعالى «فتولوا عنه مدبرين» أي هاربين مخافة العدوي
(١٩٧)