وجعلها سالمة له وكذلك معنى استسلم استخلص نفسه له تعالى وعن قتادة رضى الله عنه في أسلما أسلم إبراهيم ابنه وإسماعيل نفسه «وتله للجبين» صرعه على شقه فوقع جبينه على الأرض وهو أحد جانبي الجبهة وقيل كبه على وجهه بإشارته كيلا يرى منه ما يورث رقة تحول بينه وبين أمر الله تعالى وكان ذلك عند الصخرة من منى وقيل في الموضع المشرف على مسجد منى وقيل في المنحر الذي ينحر اليوم فيه «وناديناه أن يا إبراهيم» «قد صدقت الرؤيا» بالعزم على الإتيان بالمأمور به ترتيب مقدماته وقد روى انه امر السكين بقوته على حلقه مرارا فلم يقطع ثم وضع السكين على قفاه فانقلب السكين فعند ذلك وقع النداء جواب لما محذوف إيذانا بعدم وفاء التعبير بتفاصيله كأنه قيل كان ما كان مما لا يحيط به نطاق البيان من استبشارهما وشكرهما لله تعالى على ما أنعم به عليهما من دفع البلاء بعد حلوله والتوفيق لما لم يوفق أحد لمثله وإظهار فضلهما بذلك على العالمين مع إحراز الثواب العظيم إلى غير ذلك «إنا كذلك نجزي المحسنين» تعليل لتفريج تلك الكربة عنهما بإحسانهما واحتج به من جوز النسخ قبل وقوع المأمور به فإنه عليه الصلاة والسلام كان مأمورا بالذبح لقوله تعالى افعل ما تؤمر ولم يحصل «إن هذا لهو البلاء المبين» الابتلاء البين الذي يتميز فيه المخلص عن غيره أو المحنة البينة الصعوبة إذ لا شئ أصعب منها «وفديناه بذبح» بما يذبح بدله فيتم به الفعل «عظيم» أي عظيم الجثة سمين أو عظيم القدر لأنه يفدى به الله نبيا ابن نبي من نسله سيد المرسلين قيل كان ذلك كبشا من الجنة عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه الكبش الذي قربه هابيل فتقبل منه وكان يرعى في الجنة حتى فدى به إسماعيل عليه السلام وقيل فدى بوعل اهبط عليه من ثبير وروى انه هرب من إبراهيم عليه السلام عند الجمرة فرماه بسبع حصيات حتى أخذه فبقى سنة في الرمي وروى انه رمى الشيطان حين تعرض له بالوسوسة عند ذبح ولده وروى انه لما ذبحه قال جبريل عليه السلام الله أكبر الله أكبر فقال الذبيح لا إله إلا الله والله أكبر فقال إبراهيم الله أكبر ولله الحمد فبقى سنة والفادى في الحقيقة هو إبراهيم وإنما قيل وفديناه لأنه تعالى هو المعطي له والآمر به على التجوز في الفداء أو الإسناد «وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم» قد سلف بيانه في خاتمة قصة نوح عليه السلام
(٢٠١)