تقدير إضافتها إلى الفاعل بان زانت الكواكب إياها واصلة بزينة الكواكب وعلى تقدير إضافتها إلى المفعول بأن زان الله الكواكب وحسنها وأصله بزينة الكواكب والمراد هو التزيين في رأى العين فإن جميع الكواكب من الثوابت والسيارات تبدو للناظرين كأنها جواهر متلألئة في سطح سماء الدنيا بصور بديعة وأشكال رائعة ولا يقدح في ذلك ارتكاز الثوابت في الفلك الثامن وما عدا القمر في الستة المتوسطة إن ثبت ذلك «وحفظا» منصوب إما بعطفه على زينه باعتبار المعنى كأنه قيل إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظا «من كل شيطان مارد» أي خارج عن الطاعة برمى الشهب وإما بإضمار فعله وإما بتقدير فعل مؤخر معلل به كأنه قيل وحفظا من كل شيطان مارد زيناها بالكواكب كقوله تعالى «ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين» وقوله تعالى «لا يسمعون إلى الملإ الأعلى» كلام مبتدأ مسوق لبيان حالهم بعد بيان حفظ السماء عنهم مع التنبيه على كيفية الحفظ وما يعتريهم في أثناء ذلك من العذاب ولا سبيل إلى جعله صفة لكل شيطان ولا جوابا عن سؤال مقدر لعدم استقامة المعنى ولا علة للحفظ على أن يكون الأصل لئلا يسمعوا فحذفت اللام كما حذفت من قولك جئتك ان تكرمني فبقى أن لا يسمعوا ثم بحذف أن ويهدر عملها كما في قول من قال [ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى] لما أن كل واحد من ذينك الحذفين غير منكر بانفراده فأما اجتماعهما فمن أنكر المنكرات التي يجب تنزيه ساحة التنزيل الجليل عن أمثالها وأصل يسمعون يتسمعون والملأ الأعلى الملائكة وعن ابن عباس رضى الله عنهما هم الكتبة وعنه اشراف الملائكة عليهم الصلاة والسلام أي لا يتطلبون السماع والإصغاء إليهم وقرئ يسمعون بالتخفيف «ويقذفون» يرمون «من كل جانب» من جميع جوانب السماء إذا قصدوا الصعود إليها «دحورا» علة للقذف أي للدحور أو حال بمعنى مدحورين أو مصدر مؤكد له لأنهما من واد واحد وقرئ دحورا بفتح الدال أي قذفا دحورا مبالغا في الطرد وقد جوز ان يكون مصدرا كالقبول والولوع «ولهم عذاب واصب» أي ولهم في الآخرة غير ما في الدنيا من عذاب الرجم بالشهب عذاب شديد دائم غير منقطع كقوله تعالى «وأعتدنا لهم عذاب السعير» «إلا من خطف الخطفة» استثناء من واو يسمعون ومن بدل منه والخطف الاختلاس والمراد اختلاس كلام الملائكة مسارقة كما يعرب عنه تعريف الخطفة وقرئ بكسر الخاء والطاء المشددة وبفتح الخاء وكسر الطاء
(١٨٥)