الامر ليس لهم ما يصلح شبهة فضلا عن صلاحية الدليل «فهم على آثارهم يهرعون» من غير ان يتدبروا انهم على الحق أولا مع ظهور كونهم على الباطل بأدنى تأمل والإهراع الاسراع الشديد كأنهم يزعجون ويحثون حثا على الاسراع على آثارهم وقيل هو اسراع فيه شبه رعدة «ولقد ضل قبلهم» أي قبل قومك قريش «أكثر الأولين» من الأمم السالفة وهو جواب قسم محذوف وكذا قوله تعالى «ولقد أرسلنا فيهم منذرين» أي أنبياء أولى عدد كثير وذوي شأن خطير بينوا لهم بطلان ما هم عليه وأنذروهم عاقبته الوخيمة وتكرير القسم لابراز كمال الاعتناء بتحقيق مضمون كل من الجملتين «فانظر كيف كان عاقبة المنذرين» من الهول والفظاعة لما لم يلتفتوا إلى الانذار ولم يرفعوا له رأسا والخطاب اما لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد ممن يتمكن من مشاهدة آثارهم وحيث كان المعنى انهم أهلكوا هلاكا فظيعا استثنى منهم المخلصون بقوله تعالى «إلا عباد الله المخلصين» أي الذين أخلصهم الله تعالى بتوفيقهم للايمان والعمل بموجب الانذار وقرئ المخلصين بكسر اللام أي الذين أخلصوا دينهم لله تعالى «ولقد نادانا نوح» نوع تفصيل لما أجمل فيما قبل ببيان أحوال بعض المرسلين وحسن عاقبتهم متضمن لبيان سوء عاقبة بعض المنذرين حسبما أشير اليه بقوله تعالى فانظر كيف كان عاقبة المنذرين كقوم نوح آل فرعون وقوم لوط وقوم الياس ولبيان حسن عاقبة بعضهم الذين أخلصهم الله تعالى ووفقهم للايمان كما أشار اليه الاستثناء كقوم يونس عليه السلام ووجه تقديم قصة نوح على سائر القصص غنى عن البيان واللام جواب قسم محذوف وكذا ما في قوله تعالى «فلنعم المجيبون» أي وبالله لقد دعانا نوح حين يئس من ايمان قومه بعد ما دعاهم اليه أحقابا ودهورا فلم يزدهم دعاؤه الا فرارا ونفورا فأجبناه أحسن الإجابة فو الله لنعم المجيبون نحن فحذف ما حذف ثقة بدلالة ما ذكر عليه والجمع دليل العظمة والكبرياء «ونجيناه وأهله من الكرب العظيم» أي من الغرق وقيل من أذية قومه
(١٩٥)