«فراغ إلى آلهتهم» أي ذهب إليها في خيفة واصله الميل بحيلة «فقال» للأصنام استهزاء «ألا تأكلون» أي من الطعام الذي كانوا يصنعونه عندها لتبرك عليه «ما لكم لا تنطقون» أي بجوابي «فراغ عليهم» فمال مستعليا عليهم وقوله تعالى «ضربا باليمين» مصدر مؤكد لراغ عليهم فإنه بمعنى ضربهم أو لفعل مضمر هو حال من فاعله أي فراغ عليهم يضربهم ضربا أو هو الحال منه على انه مصدر بمعنى الفاعل أي فراغ عليهم ضاربا باليمين أي ضربا شديدا قويا وذلك لان اليمين أقوى الجارحتين وأشدهما وقوة الاله تقتضي قوة الفعل وشدته وقيل بالقوة والمتانة كما في قوله * إذا ما راية رفعت لمجده * تلقاها عرابة باليمين * أي بالقوة وعلى ذلك مدار تسمية الحلف باليمين لأنه يقوى الكلام ويؤكده وقيل بسبب الحلف وهو قوله تعالى وتالله لأكيدن أصنامكم «فأقبلوا إليه» أي المأمورون بإحضاره عليه الصلاة والسلام بعد ما رجعوا من عيدهم إلى بيت الأصنام فوجدوها مكسورة فسألوا عن الفاعل فظنوا انه عليه الصلاة والسلام فعله فقيل فأتوا به «يزفون» حال من واو اقبلوا أي يسرعون من زفيف النعام وقرئ يزفون من أزف إذا دخل في الزفيف أو من أزفه أي حمله على الزفيف أي يزف بعضهم بعضا ويزفون على البناء للمفعول أي يحملون على الزفيف ويزفون من وزف يزف إذا اسرع ويزفون من زفاه إذا حداه كأن بعضهم يزفو بعضا لتسارعهم اليه عليه الصلاة والسلام «قال» أي بعدما اتوا به عليه الصلاة والسلام وجرى بينه صلى الله عليه وسلم وبينهم من المحاورات ما نطق به قوله تعالى قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم إلى قوله تعالى لقد علمت ما هؤلاء ينطقون «أتعبدون ما تنحتون» ما تنحتونه من الأصنام وقوله تعالى «والله خلقكم وما تعملون» حال من فاعل تعبدون مؤكدة للانكار والتوبيخ أي والحال انه تعالى خلقكم وخلق ما تعملونه فإن جواهر أصنامهم ومادتها بخلقه تعالى وشكلها وان كان بفعلهم لكنه بإقداره تعالى إياهم عليه وخلقه ما يتوقف عليه فعلهم من الدواعي والعدد والأسباب وما تعملون اما عبارة عن الأصنام فوضعه موضع ضمير ما تنحتون للايذان بأن مخلوقيتها لله عز وجل ليس من حيث نحتهم لها فقط بل من حيث سائر اعمالهم أيضا من التصوير والتحلية والتزيين ونحوها واما على عمومه فينتظم الأصنام انتظاما
(١٩٨)