بقيت من اللذات إلا * أحاديث الكرام على المدام * فيقبل بعضهم على بعض يتساءلون عن الفضائل والمعارف وعما جرى لهم وعليهم في الدنيا فالتعبير عنه بصيغة الماضي للتأكيد والدلالة على تحقق الوقوع حتما «قال قائل منهم» في تضاعيف محاوراتهم «إني كان لي» في الدنيا «قرين» مصاحب «يقول» لي على طريقة التوبيخ بما كنت عليه من الايمان والتصديق بالبعث «أئنك لمن المصدقين» أي بالبعث وقرئ بتشديد الصاد من التصدق والأول هو الأوفق لقوله تعالى «أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون» أي لمبعوثون ومجزيون من الدين بمعنى الجزاء أو لمسوسون يقال دانه أي ساسه ومنه الحديث العاقل من دان نفسه وقيل كان رجل تصدق بماله لوجه الله تعالى فاحتاج فاستجدى بعض إخوانه فقال اين مالك قال تصدقت به ليعوضنى الله تعالى في الآخرة خيرا منة فقال أئنك لمن المصدقين بيوم الدين أو من المتصدقين لطلب الثواب والله لا أعطيك شيئا فيكون التعرض لذكر موتهم وكونهم ترابا وعظاما حينئذ لتأكيد إنكار الجزاء المبنى على إنكار البعث «قال» أي ذلك القائل بعد ما حكى لجلسائه مقالة قرينه في الدنيا «هل أنتم مطلعون» أي إلى أهل النار لأريكم ذلك القرين يريد بذلك بيان صدقه فيما حكاه وقيل القائل هو الله تعالى أو بعض الملائكة يقول لهم هل تحبون ان تطلعوا على أهل النار لأريكم ذلك القرين فتعلموا أين منزلتكم من منزلتهم قيل إن في الجنة كوى ينظر منها أهلها إلى أهل النار «فاطلع» أي عليهم «فرآه» أي قرينه «في سواء الجحيم» أي في وسطها وقرئ فأطلع على لفظ المضارع المنصوب وقرئ مطلعون فأطلع وفأطلع بالتخفيف على لفظ الماضي والمضارع المنصوب يقال طلع علينا فلان واطلع واطلع بمعنى واحد والمعنى هل أنتم مطلعون إلى القرن فأطلع انا أيضا أو عرض عليهم الاطلاع فقبلوا ما عرضه فاطلع هو بعد ذلك وان جعل الاطلاع متعديا فالمعنى انه لما شرط في اطلاعه اطلاعهم كما هو ديدن الجلساء فكأنهم مطلعوه وقيل الخطاب على هذا للملائكة وقرئ مطلعون بكسر النون أراد مطلعون إياي فوضع المتصل موضع المنفصل كقولهم [هم الفاعلون الخير والآمرونه] أو شبه اسم الفاعل بالمضارع لما بينهما من التآخي «قال» أي القائل مخاطبا لقرينه «تالله إن كدت لتردين» أي لتهلكني بالاغواء وقرئ
(١٩٢)