للتأكيد ولتفاوتهما في كيفية الدلالة أي خلق لأجلكم ومنفعتكم منه نارا على ان الجعل إبداعي والجاران متعلقان به قدما على مفعوله الصريح مع تأخيرهما عنه رتبة لما مر من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ووصف الشجر بالأخضر نظرا إلى اللفظ وقد قرىء الخضراء نظرا إلى المعنى وهو المرخ والعفار يقطع الرجل منهما عصيتين مثل السواكين وهما خضراوان يقطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر على العفار وهو أنثى فتنقدح النار بإذن الله تعالى وذلك قوله تعالى «فإذا أنتم منه توقدون» فمن قدر على إحداث النار من الشجر الأخضر مع ما فيه من المائية المضادة لها بكيفيته كان أقدر على إعادة الغضاضة إلى ما كان غضا فطرا عليه اليبوسة والبلى وقوله تعالى «أو ليس الذي خلق السماوات والأرض» الخ استئناف مسوق من جهته عز وجل لتحقيق مضمون الجواب الذي امر صلى الله عليه وسلم بأن يخاطبهم بذلك ويلزمهم الحجة والهمزة للإنكار والنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي أليس الذي أنشأها أول مرة وليس الذي جعل لهم من الشجر الأخضر نارا وليس الذي خلق السماوات والأرض مع كبر جرمهما وعظم شأنهما «بقادر على أن يخلق مثلهم» في الصغر والقماءة بالنسبة إليهما فإن بديهة العقل قاضية بأن من قدر على خلقهما فهو على خلق الأناسي أقدر كما قال تعالى «لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس» وقرئ يقدر وقوله تعالى «بلى» جواب من جهته تعالى وتصريح بما افاده الاستفهام الإنكاري من تقرير ما بعد النفي وإيذان بتعين الجواب نطقوا به أو تلعثموا فيه مخافة الإلزام وقوله تعالى «وهو الخلاق العليم» عطف على ما يفيده الإيجاب أي بلى هو قادر على ذلك وهو المبالغ في الخلق والعلم كيفا وكما «إنما أمره» أي شأنه «إذا أراد شيئا» من الأشياء «أن يقول له كن» أي ان يعلق به قدرته «فيكون» فيحدث من غير توقف على شيء آخر أصلا وهذا تمثيل لقدرته تعالى فيما اراده بأمر الآمر المطاع المأمور المطيع في سرعة حصول المأمور به من غير توقف على شيء ما وقرئ فيكون بالنصب عطفا على يقول «فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء» تنزيه له عز وعلا عما وصفوه تعالى به وتعجيب مما قالوا في شأنه تعالى وقد مر تحقيق معنى سبحان والفاء للإشارة إلى ان ما فصل من شؤونه تعال موجبة لتنزهه وتنزيهه أكمل إيجاب كما ان وصفه تعالى بالمالكية الكلية المطلقة للإشعار بأنها مقتضية لذلك أتم اقتضاء والملكوت مبالغة في الملك كالرحموت والرهبوت وقرئ ملكه كل شيء ومملكة كل شيء وملك كل شيء «وإليه ترجعون» لا إلى غيره وقريء ترجعون بفتح التاء من الرجوع وفيه من الوعد والوعيد مالا يخفى عن ابن عباس رضي الله عنهما كنت لا اعلم ما روي في فصائل يس
(١٨٢)