والالتفات لاظهار كمال الغضب عليهم وقرئ بنصب العذاب على تقدير النون كقوله ولا ذاكر الله الا قليلا وقرئ لذائقون العذاب على الأصل «وما تجزون إلا ما كنتم تعملون» أي إلا جزاء ما كنتم تعملونه من السيئات أو إلا بما كنتم تعملونه منها «إلا عباد الله المخلصين» استثناء منقطع من ضمير ذائقو وما بينهما اعتراض جئ به مسارعة إلى تحقيق الحق ببيان ان ذوقهم العذاب ليس إلا من جهتهم لا من جهة غيرهم أصلا وجعله استثناء من ضمير تجزون على معنى أن الكفرة لا يجزون إلا بقدر أعمالهم دون عباد الله المخلصين فإنهم يجزون اضعافا مضاعفة مما لا وجه له أصلا لا سيما جعله استثناء متصلا بتعميم الخطاب في تجزون لجميع المكلفين فإنه ليس في حيز الاحتمال فالمعنى إنكم لذائقون العذاب الأليم لكن عباد الله المخلصين الموحدين ليسوا كذلك وقوله تعالى «أولئك» إشارة إليهم للإيذان بأنهم ممتازون بما اتصفوا به من الإخلاص في عبادة الله تعالى عمن عداهم امتيازا بالغا منتظمون بسببه في سلك الأمور المشاهدة وما فيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه للإشعار بعلو طبقتهم وبعد منزلتهم في الفضل وهو مبتدأ وقوله تعالى «لهم» إما خبر له وقوله تعالى «رزق» مرتفع عل الفاعلية بما فيه من الاستقرار أو مبتدأ ولهم خبر مقدم والجملة خبر لأولئك والجملة الكبرى استئناف مبين لما أفاده الاستثناء إجمالا بيانا تفصيليا وقيل هي خبر للاستثناء المنقطع على انه متأول بالمبتدأ وقوله تعالى «معلوم» أي معلوم الخصائص من حسن المنظر ولذة الطعم وطيب الرائحة ونحوها من نعوت الكمال وقيل معلوم الوقت كقوله تعالى ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا وقوله تعالى «فواكه» إما بدل من رزق أو خبر مبتدأ مضمر أي ذلك الرزق فواكه وتخصيصها بالذكر لأن أرزاق أهل الجنة كلها فواكه أي ما يؤكل لمجرد التلذذ دون الاقتيات لأنهم مستغنون عن القوت لكون خلقتهم محكمة محفوظة من التحلل المحوج إلى البدل وقيل لان الفواكه من اتباع سائر الأطعمة فذكرها مغن عن ذكرها «وهم مكرمون» عند الله عز وجل لا يلحقهم هوان وذلك أعظم المثوبات وأليقها بأولى الهمم وقيل مكرمون في نيله حيث يصل إليهم بغير تعب وسؤال كما هو شان أرزاق الدنيا وقرئ مكرمون بالتشديد «في جنات النعيم» أي في جنات ليس فيها إلا النعيم وهو ظرف أو حال من المستكن في مكرمون أو خبر ثان لأولئك
(١٩٠)