وتشديدها واصلهما اختطف «فأتبعه شهاب» أي تبعه ولحقه وقرئ فاتبعه والشهاب ما يرى منقضا من السماء «ثاقب» مضىء في الغاية كأنه يثقب الجو بضوئه يرجم به الشياطين إذا صعدوا لاستراق السمع فيقتلهم أو يحرقهم أو يخبلهم قالوا وإنما يعود من يسلم منهم حيا طمعا في السلامة ونيل المراد كراكب السفينة «فاستفتهم» فاستخبر مشركي مكة «أهم أشد خلقا» أي أقوى خلقة وأمتن بنية أو أصعب خلقا وأشق إيجاد «أم من خلقنا» من الملائكة والسماء والأرض وما بينهما والمشارق والكواكب والشهب الثواقب ومن لتغليب العقلاء على غيرهم ويدل عليه إطلاقه ومجيئه بعد ذلك لا سيما قراءة من قرأ أم من عددنا وقوله تعالى «إنا خلقناهم من طين لازب» فإنه الفارق بينهم وبينها لا بينهم وبين من قبلهم من الأمم كعاد وثمود ولأن المراد إثبات المعاد ورد استحالتهم والامر فيه بالإضافة إليهم والى من قبلهم سواء وقرئ لازم ولا تب «بل عجبت» أي من قدرة الله تعالى على هذه الخلائق العظيمة وإنكارهم للبعث «ويسخرون» من تعجيبك وتقريرك للبعث وقرئ بضم التاء على معنى انه بلغ كمال قدرتى وكثرة مخلوقاتى إلى حيث عجبت منها وهؤلاء لجهلهم يسخرون منها أو عجبت من أن ينكروا البعث ممن هذه أفاعيله ويسخروا ممن يجوزه والعجب من الله تعالى إما على الفرض والتخييل أو على معنى الاستعظام اللازم له فإنه روعة تعتري الإنسان عند استعظام الشئ وقيل إنه مقدر بالقول أي قل يا محمد بل عجبت «وإذا ذكروا» أي ودأبهم المستمر انهم إذا وعظوا بشئ من المواعظ «لا يذكرون» لا يتعظون وإذا ذكر لهم ما يدل على صحة البعث لا ينتفعون به لغاية بلادتهم وقصور فكرهم «وإذا رأوا آية» أي معجزة تدل على صدق القائل به «يستسخرون» يبالغون في السخرية ويقولون إنه سحر أو يستدعى بعضهم من بعض أن يسخر منها «وقالوا إن هذا» أي ما يرونه من الآيات الباهرة «إلا سحر مبين» ظاهر سحريته «أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما» أي كان بعض أجزائنا ترابا وبعضها عظاما وتقديم التراب لأنه منقلب من الاجزاء البادية والعامل في إذا ما دل عليه مبعوثون في قوله تعالى «أئنا لمبعوثون» أي نبعث لانفسه لأن دونه خطوبا
(١٨٦)