تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٧ - الصفحة ١٨١
«وضرب لنا مثلا» معطوف حينئذ على الجملة المنفية داخل في حيز الانكار والتقبيح وأما على التقدير الأول فهو عطف على الجملة الفجائية والمعنى ففاجأ خصومتنا وضرب لنا مثلا أي أورد في شأننا قصة عجيبة في نفس الامر هي في الغرابة والبعد عن العقول كالمثل وهي إنكار إحيائنا العظام أو قصة عجيبة في زعمه واستبعدها وعدها من قبيل المثل وأنكرها أشد الإنكار وهي إحياؤنا إياها وجعل لنا مثلا ونظيرا من الخلق وقاس قدرتنا على قدرتهم ونفى الكل على العموم وقوله تعالى «ونسي خلقه» أي خلقنا إياه على الوجه المذكور الدال على بطلان ما ضربه إما عطف على ضرب داخل في حيز الانكار والتعجيب أو حال من فاعله بإضمار قد أو بدونه وقوله تعالى «قال» استئناف وقع جوابا عن سؤال نشأ من حكاية ضربه المثل كأنه قيل أي مثل ضرب أو ماذا قال فقيل قال «من يحيي العظام» منكرا له أشد النكير مؤكدا له بقوله تعالى «وهي رميم» أي بالية أشد البلى بعيدة من الحياة غاية البعد فالمثل على الأول هو إنكار إحيائه تعالى للعظام فإنه امر عجيب في نفس الامر حقيق لغرابته وبعده من العقول بأن يعد مثلا ضرورة جزم العقول ببطلان الإنكار ووقوع المنكر لكونه كالإنشاء بل أهون منه في قياس العقل وعلى الثاني هو إحياؤه تعالى لها فإنه أمر عجيب في زعمه قد استبعده وعده من قبيل المثل وأنكره أشد الإنكار مع أنه في نفس الأمر أقرب شئ من الوقوع لما سبق من كونه مثل الإنشاء أو أهون منه وأما على الثالث فلا فرق بين أن يكون المثل هو الانكار أو المنكر وعدم تأنيث الرميم مع وقوعه خبرا للمؤنث لأنه اسم لما بلى من العظام غير صفة كالرفات وقد تمسك بظاهر الآية الكريمة من أثبت للعظم حياة وبنى عليه الحكم بنجاسة عظم الميتة وأما أصحابنا فلا يقولون بحياته كالشعر ويقولون المراد بإحياء العظام ردها إلى ما كانت عليه من الغضاضة والرطوبة في بدن حي حساس «قل» تبكيتا له بتذكير ما نسبه من فطرته الدالة على حقيقة الحال وإرشاده إلى طريقة الاستشهاد بها «يحييها الذي أنشأها أول مرة» فإن قدرته كما هي لاستحالة التغير فيها والمادة على حالها «وهو بكل خلق عليم» مبالغ في العلم بتفاصيل كيفيات الخلق والايجاد إنشاء وإعادة محيط بجميع الأجزاء المتفتتة المتبددة لكل شخص من الاشخاص أصولها وفروعها وأوضاع بعضها من بعض من الاتصال والانفصال والاجتماع والافتراق فيعيد كلا من ذلك على النمط السابق مع القوى التي كانت قبل والجملة إما اعتراض تذييلى مقرر لمضمون الجواب أو معطوفة على الصلة والعدول إلى الجملة الاسمية للتنبيه على أن علمه تعالى بما ذكر أمر مستمر ليس كإنشائه للمنشآت وقوله تعالى «الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا» بدل من الموصول الأول وعدم الاكتفاء بعطف صلته على صلته
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 28 - سورة القصص 2
2 قوله تعالى: وحرمنا عليه المواضع الآية 5
3 قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل الآية 11
4 قوله تعالى: وقد وصلنا لهم القول الآية 18
5 قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى الآية 24
6 29 - سورة العنكبوت 29
7 قوله تعالى: فآمن له لوط الآية 37
8 (الجزء الحادي والعشرون) قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب الآية 42
9 30 - سورة الروم 49
10 قوله تعالى: منيبين إليه الآية 60
11 قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف الآية 66
12 31 - سورة لقمان قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله الآية 74
13 32 - سورة السجدة 79
14 قوله تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الآية 82
15 33 - سورة الأحزاب 89
16 قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم الآية 96
17 (الجزء الثاني والعشرون) قوله تعالى: ومن يقنت منكن لله الآية 102
18 قوله تعالى: ترجى من تشاء منهم الآية 110
19 لئن لم نبه لمنافقون الآية 115
20 34 - سورة سبأ 120
21 قوله تعالى: ولقد آتينا داود منا فضلا الآية 124
22 قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء الآية 132
23 قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة الآية 138
24 35 - سورة فاطر 141
25 قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء الآية 148
26 قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض 156
27 36 - سورة يس 158
28 (الجزء الثالث والعشرون) قوله تعالى: وما أنزلنا على قومه الآية 165
29 قوله تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني آدم الآية 175
30 37 - سورة الصافات 183
31 قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا الآية 187
32 قوله تعالى: وإن من شيعته لإبراهيم الآية 196
33 قوله تعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 205
34 38 - سورة ص 218
35 قوله تعالى: وهل أتاك نبؤا الخصم الآية 220
36 قوله تعالى: وعندهم قاصرات الطرف أتراب 231
37 39 - سورة الزمر 240
38 قوله تعالى: وإذا مس الإنسان ضر الآية 244
39 (الجزء الرابع والعشرون) قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله الآية 254
40 قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية 259
41 40 - سورة غافر 265
42 قوله تعالى: أولم يسيروا في الأرض الآية 272
43 قوله تعالى: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة الآية 277
44 قوله تعالى: قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله 283