تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٧ - الصفحة ١٧٩
حسبما ينطق به قوله تعالى «فمنها ركوبهم» الخ فإن الفاء فيه لتفريع احكام التذليل عليه وتفصيلها أي فبعض منها ركوبهم أي مركوبهم أي معظم منافعها الركوب وعدم التعرض للحمل لكونه من تتمات الركوب وقرئ ركوبتهم وهي بمعناه كالحلوب والحلوبة وقيل الركوبة اسم جمع وقرئ ركوبهم أي ذو ركوبهم «ومنها يأكلون» أي وبعض منها يأكلون لحمه «ولهم فيها» أي في الانعام بكلا قسميها «منافع» أخر غير الركوب والأكل كالجلود والأصواف والأوبار وغيرها وكالحراثة بالثيران «ومشارب» من اللبن جمع مشرب وهذا مجمل ما فصل في سورة النحل «أفلا يشكرون» أي أيشاهدون هذه النعم أو أيتنعمون بها فلا يشكرون المنعم بها «واتخذوا من دون الله» أي متجاوزين الله تعالى الذي شاهدوا تفرده بتلك القدرة الباهرة وتفضله عليهم بهاتيك النعم المتظاهرة «آلهة» من الأصنام وأشركوها به تعالى في العبادة «لعلهم ينصرون» رجاء أن ينصروا من جهتهم فيما حزبهم من الأمور أو يشفعوا لهم في الآخرة وقوله تعالى «لا يستطيعون نصرهم» الخ استئناف سيق لبيان بطلان رأيهم وخيبة رجائهم وانعكاس تدبيرهم أي لا تقدر آلهتهم على نصرهم «وهم» أي المشركون «لهم» أي لآلهتهم «جند محضرون» يشيعونهم عند مساقهم إلى النار وقيل معدون في الدنيا لحفظهم وخدمتهم والذب عنهم ولا يساعده مساق النظم الكريم فإن الفاء في قوله تعالى «فلا يحزنك قولهم» لترتيب النهى على ما قبله فلابد أن يكون عبارة عن خسرانهم وحرمانهم عما علقوا به أطماعهم الفارغة وانعكاس الأمر عليهم بترتيب الشر على ما رتبوه لرجاء الخير فإن ذلك مما يهون الخطب ويورث السلوة وأما كونهم معدين لخدمتهم وحفظهم فبمعزل من ذلك والنهى وإن كان بحسب الظاهر متوجها إلى قولهم لكنه في الحقيقة متوجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى له عليه السلام عن التأثر منه بطريق الكناية على أبلغ وجه وآكده فإن النهى عن أسباب الشئ ومباديه المؤدية إليه نهى عنه بالطريق البرهاني وإبطال للسببية وقد يوجه النهى إلى المسبب ويراد النهى عن السبب كما في قوله لا أرينك ههنا يريد به نهى مخاطبة عن الحضور لديه والمراد بقولهم ما ينبئ عنه ما ذكر من اتخاذهم الأصنام آلهة فإن ذلك مما لا يخلو عن التفوه بقولهم هؤلاء آلهتنا وأنهم شركاء لله سبحانه في المعبودية وغير ذلك مما يورث الحزن وقرئ يحزنك بضم الياء وكسر الزاي من أحزن المنقول من حزن اللازم وقوله تعالى «إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون» تعليل صريح للنهي بطريق الاستئناف بعد تعليله بطريق الإشعار فإن العلم بما ذكر مستلزم للمجازاة قطعا أي إنا نجازيهم بجميع جناياتهم الخافية
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 28 - سورة القصص 2
2 قوله تعالى: وحرمنا عليه المواضع الآية 5
3 قوله تعالى: فلما قضى موسى الأجل الآية 11
4 قوله تعالى: وقد وصلنا لهم القول الآية 18
5 قوله تعالى: إن قارون كان من قوم موسى الآية 24
6 29 - سورة العنكبوت 29
7 قوله تعالى: فآمن له لوط الآية 37
8 (الجزء الحادي والعشرون) قوله تعالى: ولا تجادلوا أهل الكتاب الآية 42
9 30 - سورة الروم 49
10 قوله تعالى: منيبين إليه الآية 60
11 قوله تعالى: الله الذي خلقكم من ضعف الآية 66
12 31 - سورة لقمان قوله تعالى: ومن يسلم وجهه إلى الله الآية 74
13 32 - سورة السجدة 79
14 قوله تعالى: قل يتوفاكم ملك الموت الآية 82
15 33 - سورة الأحزاب 89
16 قوله تعالى: قد يعلم الله المعوقين منكم الآية 96
17 (الجزء الثاني والعشرون) قوله تعالى: ومن يقنت منكن لله الآية 102
18 قوله تعالى: ترجى من تشاء منهم الآية 110
19 لئن لم نبه لمنافقون الآية 115
20 34 - سورة سبأ 120
21 قوله تعالى: ولقد آتينا داود منا فضلا الآية 124
22 قوله تعالى: قل من يرزقكم من السماء الآية 132
23 قوله تعالى: قل إنما أعظكم بواحدة الآية 138
24 35 - سورة فاطر 141
25 قوله تعالى: يا أيها الناس أنتم الفقراء الآية 148
26 قوله تعالى: إن الله يمسك السماوات والأرض 156
27 36 - سورة يس 158
28 (الجزء الثالث والعشرون) قوله تعالى: وما أنزلنا على قومه الآية 165
29 قوله تعالى: ألم أعهد إليكم يا بني آدم الآية 175
30 37 - سورة الصافات 183
31 قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا الآية 187
32 قوله تعالى: وإن من شيعته لإبراهيم الآية 196
33 قوله تعالى: فنبذناه بالعراء وهو سقيم 205
34 38 - سورة ص 218
35 قوله تعالى: وهل أتاك نبؤا الخصم الآية 220
36 قوله تعالى: وعندهم قاصرات الطرف أتراب 231
37 39 - سورة الزمر 240
38 قوله تعالى: وإذا مس الإنسان ضر الآية 244
39 (الجزء الرابع والعشرون) قوله تعالى: فمن أظلم ممن كذب على الله الآية 254
40 قوله تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا الآية 259
41 40 - سورة غافر 265
42 قوله تعالى: أولم يسيروا في الأرض الآية 272
43 قوله تعالى: ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة الآية 277
44 قوله تعالى: قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله 283