الأرض أو من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة أو ما تقدم من الذنوب وما تأخر «لعلكم ترحمون» اما حال من واو اتقوا أو غاية له أي راجين ان ترحموا أو كي ترحموا فتنجوا من ذلك لما عرفتم ان مناط النجاة ليس الا رحمة الله تعالى وجواب إذا محذوف ثقة بانفهامه من قوله تعالى «وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين» انفهاما بينا اما إذا كان الانذار بالآية الكريمة فبعبارة النص واما إذا كان بغيرها فبدلالته لأنهم حين اعرضوا عن آيات ربهم فلأن يعرضوا عن غيرها بطريق الأولوية كأنه قيل وإذا قيل لهم اتقوا العذاب اعرضوا حسبما اعتادوه وما نافية وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار التجددي ومن الأولى مزيدة لتأكيد العموم والثاني تبعيضية واقعة مع مجرورها صفة لآية وإضافة الآيات إلى اسم الرب المضاف إلى ضميرهم لتفخيم شأنها المستتبع لتهويل ما اجترءوا عليه في حقها والمراد بها اما الآيات التنزيلية فإتيانها نزولها والمعنى ما ينزل إليهم آية من الآيات القرآنية التي من جملتها هذه الآيات الناطقة بما فصل من بدائع صنع الله تعالى وسوابغ آلائه الموجبة للاقبال عليها والايمان بها الا كانوا عنها معرضين على وجه التكذيب والاستهزاء واما ما يعمها وغيرها من الآيات التكوينية الشاملة للمعجزات وغيرها من تعاجيب المصنوعات التي من جملتها الآيات الثلاث المعدودة آنفا فالمراد بإتيانها ما يعم نزول الوحي وظهور تلك الأمور لهم والمعنى ما يظهر لهم آية من الآيات التي من جملتها ما ذكر من شؤونه الشاهدة بوحدانيته تعالى وتفرده بالألوهية إلا كانوا عنها معرضين تاركين للنظر الصحيح فيها المؤدي إلى الايمان به تعالى وإيثاره على ان يقال إلا اعرضوا عنها كما وقع مثله في قوله تعالى وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر الدلالة على استمرارهم على الإعراض حسب استمرار إتيان الآيات وعن متعلقة بمعرضين قدمت عليه مراعاة للفواصل والجملة في حيز النصب على أنها حال من مفعول تأتى أو من فاعله المتخصص بالوصف لاشتمالها على ضمير كل منهما والاستثناء مفرغ من أعم الأحوال أي ما تأتيهم من آية من آيات ربهم في حال من أحوالهم إلا حال إعراضهم عنها أو ما تأتيهم آية منها في حال من أحوالها إلا حال إعراضهم عنها «وإذا قيل لهم أنفقوا من ما رزقكم الله» أي أعطاكم بطريق التفضل والإنعام من أنواع الأموال عبر عنها بذلك تحقيقا للحق وترغيبا في الإنفاق على منهاج قوله تعالى وأحسن كما أحسن الله إليك وتنبيها على عظم جنايتهم في ترك الامتثال بالامر وكذلك من التبعيضية أي إذا قيل لهم بطريق النصيحة انفقوا بعض ما أعطاكم الله تعالى من فضله على المحتاجين فإن ذلك مما يرد البلاء ويدفع المكاره «قال الذين كفروا» بالصانع عز وجل وهم زنادقة كانوا بمكة «للذين آمنوا» تهكما بهم وبما كانوا عليه من تعليق الأمور بمشيئة الله تعالى «أنطعم» حسبما تعظوننا به «من لو يشاء الله
(١٧٠)