يتوهم كون ما عبارة عن توابع الفاكهة وتتماتها والمعنى ولهم ما يدعون به لأنفسهم من مدعو عظيم الشأن أو كل ما يدعون به كائنا ما كان من أسباب البهجة وموجبات السرور وأيا ما كان ففيه دلالة على أنهم في أقصى غاية البهجة والغبطة ويدعون يفتعلون من الدعاء كما أشير إليه مثل اشتوى واجتمل إذا شوى وجمل لنفسه وقيل بمعنى يتداعون كالارتماء بمعنى الترامي وقيل بمعنى يتمنون من قولهم ادع على ما شئت بمعنى تمنه على وقال الزجاج هو من الدعاء أي ما يدعو به أهل الجنة يأتيهم فيكون الافتعال بمعنى الفعل كالاحتمال بمعنى الحمل والارتحال بمعنى الرحلة ويعضده القراءة بالتخفيف كما ذكره الكواشى وقوله تعالى «سلام» على التقدير الأول بدل من ما يدعون أو خبر لمبتدأ محذوف وقوله تعالى «قولا» مصدر مؤكد لفعل هو صفة لسلام وما بعده من الجار متعلق بمضمر هو صفة له كأنه قيل ولهم سلام أو ما يدعون سلام يقال لهم قولا كائنا «من» جهة «رب رحيم» أي يسلم عليهم من جهته تعالى بواسطة الملك أو بدونها مبالغة في تعظيمهم قال ابن عباس رضى الله عنهما والملائكة يدخلون عليهم بالتحية من رب العالمين وأما على التقدير الثاني فقد قيل إنه خبر لما يدعون ولهم لبيان الجهة كما يقال لزيد الشرف متوفر على أن الشرف مبتدأ ومتوفر خبره والجار والمجرور لبيان من له ذلك أي ما يدعون سالم لهم خالص لا شوب فيه وقولا حينئذ مصدر مؤكد لمضمون الجملة أي عدة من رب رحيم والأوجه ان ينتصب على الاختصاص وقيل هو مبتدأ محذوف الخبر أي لهم سلام أي تسليم قولا من رب رحيم أو سلامة من الآفات فيكون قولا مصدرا مؤكدا لمضمون الجملة كما سبق وقيل تقديره سلام عليهم فيكون حكاية لما سيقال لهم من جهته تعالى يومئذ وقيل خبره الفعل المقدر ناصبا لقولا وقيل خبره من رب رحيم وقرئ سلاما بالنصب على الحالية أي لهم مرادهم سالما خالصا وقرئ سلم وهو بمعنى السلام في المعنيين «وامتازوا اليوم» عطف إما على الجملة السابقة المسوقة لبيان أحوال أهل الجنة لاعلى أن المقصود عطف فعل الأمر بخصوصه حتى يتمحل له مشاكل يصح عطفه عليه بل على أنه عطف قصة سوء حال هؤلاء وكيفية عقابهم على قصة حسن حال أولئك ووصف ثوابهم كما مر في قوله تعالى «وبشر الذين آمنوا» الآية وكأن تغيير السبك لتخييل كمال التباين بين الفريقين وحاليهما وإما على مضمر ينساق إليه حكاية حال أهل الجنة كأنه قيل إثر بيان كونهم في شغل عظيم الشأن وفوزهم بنعيم مقيم يقصر عنه البيان فليقروا بذلك عينا وامتازوا عنهم «أيها المجرمون» إلى مصيركم وعن قتادة اعتزلوا عن كل خير وعن الضحاك لكل كافر بيت من النار يكون فيه لا يرى ولا يرى وأما ما قيل من ان المضمر فليمتازوا فبمعزل من السداد لما ان المحكى عنهم ليس مصيرهم إلى ما ذكر من الحال المرضية حتى يتسنى ترتيب الامر المذكور عليه بل إنما هو استقرارهم عليها بالفعل وكون ذلك بطريق تنزيل المترقب منزلة الواقع لا يجدى نفعا لان مناط الإضمار انسياق الافهام إليه وانصباب
(١٧٤)